كشفت مجلة Nature العلمية عن إنجاز طبي يُعزز الآمال في مجال زراعة الأعضاء من الحيوانات إلى البشر، إذ أفاد الباحثون بأن الأمريكي تيم أندروز (67 عاما)، لا يزال على قيد الحياة ويتمتع بصحة جيدة بعد أكثر من ستة أشهر من خضوعه لعملية زرع كلية خنزير معدلة وراثيا.
وتعد هذه الحالة الأطول التي نجحت فيها كلية خنزير في البقاء داخل جسم إنسان حي، ما يُمثل نقطة تحول في علم الزراعة الخلطية، ويفتح الباب أمام حلول لأزمة نقص الأعضاء البشرية.
وتم إجراء العملية الجراحية في 25 يناير في مستشفى ماساتشوستس جنرال ببوسطن، لأندروز الذي يعاني من مرض كلوي في مراحله النهائية وكان يعتمد على الغسيل الكلوي لأكثر من عامين، وخضعت الكلية المزروعة، لـ69 تعديلا جينيا لإزالة الفايروسات الخنزيرية الرجعية وتعديل الجينات لتقليل خطر رفض الجسم للعضو الجديد.
وبعد العملية، خرج أندروز من المستشفى بعد أسبوع واحد فقط، ولم يعد بحاجة إلى الغسيل الكلوي، ما سمح له بالعودة إلى حياته اليومية في نيوهامبشاير، بما في ذلك العمل الجزئي والقضاء وقت مع أحفاده.
نجاة من مضاعفات الأشهر الأولى
ووفقا لتقرير Nature، فإن الأشهر الستة الأولى بعد أي زراعة عضو هي الأكثر خطورة، إذ يمكن أن تحدث مضاعفات مثل فقر الدم أو رفض الجسم للعضو الجديد بسبب الهجوم المناعي، ومع ذلك، أكد الدكتور ويليام هاثورن، خبير في الزراعة الخلطية، أن «الوصول إلى هذه النقطة يعني أن الأمور سارت بشكل ممتاز»، مشيرا إلى أن أندروز لم يعانِ من رفض حاد، رغم بعض التعديلات على الأدوية المثبطة للمناعة لمواجهة مخاوف مبكرة.
ووصف أندروز تجربته بأنها «عودة إلى الحياة»، قائلا في مقابلة سابقة: «كنت أشعر بالإرهاق الدائم من الغسيل، لكن الآن أستطيع الرقص والعمل مرة أخرى»، وكان أندروز أحد ثلاثة مرضى تلقوا كلى خنزير معدلة في إطار برنامج «الوصول الموسع» التابع لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، الذي يسمح باستخدام تجريبي للحالات الإنسانية الطارئة.
أزمة حادة في زراعة الأعضاء
وتُعاني الولايات المتحدة من أزمة حادة في نقص الأعضاء، حيث ينتظر أكثر من 100,000 شخص زراعة عضو، ويُموت نحو 17 شخصا يوميا بسبب عدم توفر متبرع بشري مناسب، وبالنسبة للكلى تحديدا، يصل عدد المنتظرين إلى حوالى 95,000، لكن فقط 25% منهم يحصلون على عضو في السنة الأولى، وقد يستغرق الانتظار حتى 7 سنوات لأنواع دم معينة.
وبدأت فكرة زراعة الأعضاء من الحيوانات في السبعينات، لكنها واجهت عقبات كبيرة بسبب رفض الجهاز المناعي وخطر انتقال الفايروسات الحيوانية، وسمح التقدم الجيني الحديث، بتعديل جينات الخنازير لجعل أعضائها أكثر توافقا مع الجسم البشري، مثل إزالة الجينات المسببة للرفض الحاد وإضافة جينات بشرية لتحسين الوظيفة.
تجارب مستمرة لزراعة كلى الخنازير
وفي 2024، كان أول زرع كلية خنزير لإنسان حي هو لريتشارد سليمان، الذي توفي بعد شهرين بسبب أسباب غير مرتبطة بالكلية، بينما نجحت تجارب سابقة في جثث بشرية لأسابيع فقط، وحالة أندروز، التي تجاوزت 6 أشهر (وربما تصل إلى 7 أشهر الآن)، تُعد الأطول، متجاوزة السجل السابق البالغ 130 يوما، وتُشير إلى إمكانية استمرار الكلية لسنوات، كما أظهرت تجارب على القرود.
ومع اقتراب بدء التجارب السريرية الرسمية، مثل تجربة eGenesis لـ30 مريضا فوق 50 عاما، يُتوقع أن تُسرع هذه التقنية من حل الأزمة، لكن التحديات تبقى، بما في ذلك مخاطر الالتهابات والقضايا الأخلاقية المتعلقة باستخدام الحيوانات، حيث منظمات مثل PETA حذرت من «استغلال الخنازير»، بينما يرى الخبراء أن هذا الإنجاز يمكن أن ينقذ ملايين الأرواح عالميا.
أخبار ذات صلة
0 تعليق