اعتدنا أن الكواكب ترتبط بالنجوم ارتباطًا وثيقًا، تدور فى مدارات ثابتة بفعل الجاذبية كما هو الحال فى نظامنا الشمسي. لكن علماء الفلك يؤكدون أن الأمر ليس حتميًا، إذ يمكن أن توجد كواكب حرة تسبح وحدها فى الفضاء بين النجوم، بلا نجم مضيف، فى رحلات غامرة عبر الكون، هذه الكواكب الملقبة بـ”العوالم التائهة” قد تتشكل نتيجة طرد عنيف من أنظمتها الأم، أو تستقر حول نجوم ميتة، بل وقد تُقذف بسرعات هائلة نتيجة تأثير الثقوب السوداء.
وبحسب تقرير من “مركز هارفارد-سميثسونيان للفيزياء الفلكية”، يمكن لبعض هذه الكواكب الهاربة أن تصل سرعتها إلى 30 مليون ميل فى الساعة، لتصبح أجسامًا فائقة السرعة تشبه النجوم المطرودة من المجرات، وتحدث هذه الظاهرة غالبًا عندما يتعرض كوكب غازى ضخم قريب من نجمه إلى طرد عنيف بعد تفاعل جاذبى مع كواكب أخرى أو ثقب أسود.
وفى دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة شيكاغو، كشفت المحاكاة الحاسوبية أن جرمًا سماويًا لا يتجاوز نصف حجم الأرض قادر على الحفاظ على محيط سائل تحت قشرة جليدية لقمر تابع له لأكثر من مليار سنة، حتى دون الاستفادة من حرارة الشمس. هذه النتيجة تفتح الباب أمام احتمال وجود بيئات صالحة للحياة، ولو فى شكل ميكروبات، داخل محيطات مخفية فى تلك العوالم المجهولة.
وجود هذه الكواكب التائهة يغير كثيرًا من المفاهيم التقليدية حول الأنظمة الكوكبية، حيث يبرهن أن التنوع الكونى يتجاوز فكرة “الكوكب والنجم”، فربما تكون هناك مجتمعات كاملة من العوالم المظلمة، تعيش فى عزلة كونية، لكنها تخبئ فى أعماقها فرصًا للحياة لم نكن نتخيلها.
0 تعليق