كتب محمد الجمل:
يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ 437 على التوالي، مترافقاً مع استمرار القصف والحصار، وتصاعد الهجوم على شمال القطاع، خاصة بلدة بيت حانون.
"الأيام"، تواصل نقل مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد بعنوان "الاحتلال يحرق بيت حانون ويُهجر سكانها"، ومشهد آخر يرصد قيام قوات الاحتلال بتدمير خيام النازحين في مواصي رفح، ومشهد ثالث يُسلط الضوء على تحويل الاحتلال مدينة رفح لمكان غير صالح للحياة.
الاحتلال يحرق بيت حانون ويُهجر سكانها
صعدت قوات الاحتلال هجومها على بلدة بيت حانون، خاصة منطقة "عزبة بيت حانون"، شمال القطاع، بعد نقل ثقل العمليات العسكرية لتلك المناطق، عقب تدمير غالبية مخيم وبلدة جباليا، ومناطق بيت لاهيا المجاورتين.
وأكد شهود عيان أن الاحتلال دفع خلال اليومين الماضيين بعدد كبير من الآليات العسكري المُدرعة للبلدة، وسط غارات جوية مكثفة، استهدفت في غالبها مراكز إيواء، ومنازل مأهولة.
وتزامن تصعيد الهجوم على بلدة بيت حانون، مع استهداف متعمد لمدارس تُستخدم كمراكز إيواء في البلدة، إذ هاجمت قوات الاحتلال عدداً من تلك المراكز، وأطلقت تجاهها قذائف حارقة، ونيران رشاشات ثقيلة من طائرات مُسيرة.
ووفق ما نقلته عائلات نزحت من بيت حانون، وشهود عيان، فإن البلدة خاصة "عزبة بيت حانون" فإن جيش الاحتلال ارتكب جرائم قاسية ومروعة بحق المواطنين هناك، إذ أكدت بعض العائلات التي نزحت في مدرسة "خليل عويضة" بعزبة بيت حانون، أنهم شاهدوا من 10 إلى 15 جثماناً متفحمة بفعل النيران التي أصابتهم نتيجة القصف الإسرائيلي المكثف لغرف ومرافق المدرسة، التي كانت تؤوي نحو 1500 نازح.
وأكد شهود عيان أنهم شاهدوا بعض الجثامين المتحللة في الأزقة والشوارع، وأن عدة منازل مأهولة بالسكان بجوار المدرسة تعرضت لقصف عنيف، عُرف منها منزلان لعائلة "عبد الدايم" ويوجد تحت أنقاضها شهداء، ويُسمع منها أصوات تنادي وتستغيث بالتوجه إليهم لإنقاذ حياتهم، حيث يحول حصار تلك المناطق، دون وصول فرق الإنقاذ، أو حتى متطوعين.
وأكد نازحون أن الاحتلال يدفع من تبقى من مواطنين شمال القطاع على النزوح جنوباً، إذ يقصف البيوت، ويُجبر سكانها على التوجه لمراكز الإيواء، ثم يهاجم تلك المراكز بالقذائف والرصاص، ويحرقها، ومن ينجون من المجازر، إما يتم اعتقالهم، أو إجبارهم على النزوح باتجاه مدينة غزة.
كما أفادت مصادر محلية وشهود عيان، بأن الاحتلال بدأ بحملة تدمير واسعة في بلدة بيت حانون، على غرار ما حدث من قبل في جباليا وبيت لاهيا، وتزامن هذا التدمير مع تعمد جنود الاحتلال إشعال النيران في عشرات المنازل، وسط مخاوف من استشهاد مواطنين داخل منازلهم بفعل تلك الحرائق.
يذكر أن العدوان الواسع على شمال القطاع مُستمر منذ نحو 73 يوماً، وقد بدأ من مخيم جباليا، ثم امتد الى بلدة جباليا، وبعد ذلك بيت لاهيا، وثم بلدة بيت حانون، حيث تشهد الأخيرة ذروة العمليات العسكرية في الوقت الحالي.
الاحتلال يدمر خيام النازحين بمواصي رفح
لم يكتف الاحتلال بتدمير آلاف البيوت التي أجبر سكانها على تركها والفرار منها في مدينة رفح، إذ لاحقت جرافاته النازحين في خيامهم، ودمرتها، وسحقت حاجياتهم، وجعلت الآلاف منهم يبيتون في العراء بلا أي مأوى.
فقد فوجئ نازحون يقطنون في منطقة مواصي رفح، جنوب قطاع غزة، بأرتال من الدبابات والجرافات تنطلق من موقع عسكري على الحدود المصرية الفلسطينية "محور فيلادلفيا"، وتتجه مباشرة نحو خيامهم في مواصي رفح، وسط إطلاق نار تسبب بسقوط ضحايا بينهم، بينما حوصرت بعض العائلات في المنطقة، ولم يستطع المواطنون مغادرة خيامهم إلا بعد يومين.
ونفذت قوات الاحتلال في تلك المنطقة عمليات تجريف واسعة، استمرت نحو 48 ساعة، دمرت خلالها خياماً، وغرف صفيح، وكذلك منتجعات سياحية صغيرة، كان يستخدمها النازحون كمأوى، قبل أن تنسحب مجدداً في اتجاه "محور فيلادلفيا".
وبدت علامات الحُزن والحيرة واضحة على وجوه النازحين، ممن وصولوا إلى منطقة مواصي رفح، وتحديداً حي "شلوف"، ومحيط دوار العلم، وهم يبحثون عما نجا من حاجياتهم، ويحاولون نقلها.
وقال المواطن محمد زعرب، وكان يُقيم في خيمة في مواصي رفح، إنه نجا وعائلته بأعجوبة، بعد أن حاصرهم رصاص وقذائف الدبابات التي وصلت المنطقة، وأطلقت النار تجاه كل مكان، لكنه فر وعائلته دون أن أي أمتعة أو شيء من حاجياتهم.
وأكد أنه أقام في خيمة صديق لمدة يومين، على أمل أن تنسحب الدبابات من المنطقة ويعود ويفكك خيمته وينقلها لمكان آخر، لكن بعد تراجع الدبابات وصل المنطقة وفوجئ بقيام الدبابات بسحق الخيام، وتجريفها، وتدمير كل حاجياته، ولم يستطع العثور على شيء، فحتى الفراش والأغطية تمزقت بفعل جنازير الدبابات.
وأشار إلى أنه أصبح بلا أي مأوى، فبعد تدمير منزله في رفح، لاحقته الدبابات في منطقة المواصي ودمرت خيمته، ولا يعلم كيف سيُدبر أموره، وأين سيتوجه، فحتى محفظة النقود والأوراق الشخصية، التي يمتلكها، لم يستطع نقلها، وضاعت بسبب التجريف.
ولم يسلم هؤلاء النازحون من بطش الاحتلال حتى بعد انسحاب الآليات من المنطقة، إذ أطلقت الدبابات والبرج الآلي، "الرافعة النار" تجاههم، ما تسبب بإصابة بعضهم، وإجبار الباقين على الفرار من المكان.
الاحتلال يُحوّل رفح إلى مكان غير صالح للحياة
يوشك العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة على إنهاء شهره الثامن على التوالي، ولا تزال عمليات التدمير والنسف والتخريب داخل المدينة متواصلة، بل شهدت عمليات التدمير تكثيفاً كبيراً في الأيام والأسابيع القليلة الماضية، إذ انتقلت لمناطق جديدة، حتى وصلت لمواصي رفح.
وأكد رئيس بلدية رفح، الدكتور أحمد الصوفي، أن التقارير والبيانات الواردة من داخل مدينة رفح، تشير إلى وجود مخطط لدى قوات الاحتلال لجعل مدينة رفح مدينة غير صالحة للحياة.
وقال الصوفي: نفذت قوات الاحتلال التي توغلت داخل مدينة رفح منذ بداية شهر أيار الماضي، عمليات هدم وتجريف ونسف للمباني السكنية، والمرافق الخدمية، وشبكات البنية التحتية في كافة أحياء المدينة".
وأوضح أن التقارير والصور التي ينشرها جنود الاحتلال، تُظهر جليًا أن الهدف من عمليات النسف والتدمير هو التخريب فقط، كما ظهر في فيديو تفجير "بئر كندا"، بحي تل السلطان غربي المدينة.
واعتبر الصوفي أن استقدام قوات الاحتلال لشركات من أجل هدم المباني، وترحيل ركامها إلى جهات غير معلومة، في سابقة هي الأولى من نوعها في حرب الإبادة الجماعية، يؤكد وجود خطة مبيته يتم تنفيذها بحق مدينة رفح، التي أجبرت قوات الاحتلال أهلها على مغادرتها تحت النار منذ أكثر من سبعة أشهر.
ودعا الصوفي المؤسسات الدولية والحقوقية إلى التدخل العاجل لوقف هذا المخطط الإجرامي، وحماية ما تبقى من مباني ومرافق المدينة.
بينما نقل شبان دخلوا مدينة رفح، وخرجوا منها شهادات مروعة عن حجم التدمير في المدينة، خاصة حي الجنينة، الذي يشهد أوسع وأكبر عملية تدمير مُستمرة منذ أكثر من شهرين.
وأكد شهود عيان أن الاحتلال يعمل على مسح مربعات وأحياء سكنية كاملة، وتحويلها إلى ركام، ثم إزالة الركام، ونقله إلى مناطق أخرى، بينما يواصل الاحتلال إقامة مواقع، ونصب رافعات جديدة على محور صلاح الدين "فيلادلفيا".
بينما أكد مواطنون أن عمليات التدمير تتم بشكل ممنهج ومنظم، وتنتقل من مكان لآخر، وتنفذ عبر ثلاثة مستويات، الأول استهداف من الطائرات، والثاني نسف عبر حاويات وملالات، والثالث من خلال عمليات تجريف واسعة.
0 تعليق