"الأيام" ترصد مشاهد من غزة في اليوم الـ39 للتهدئة - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب محمد الجمل:

 

واصلت "الأيام" نقل مشاهد جديدة ومُتنوعة من داخل قطاع غزة، في اليوم الـ39 من بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، منها مشهد يرصد تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع، حتى في ظل التهدئة، ومشهد آخر يُوثق كيف أسهمت أشعة الشمس في تخفيف معاناة النازحين، وأنقذتهم بعد موجة البرد الشديد التي عانوا منها، ومشهد ثالث يُوثق استعدادات النازحين لاستقبال شهر رمضان في الخيام.

 

توغلات الاحتلال مُستمرة

رغم مضي أكثر من 6 أسابيع على بدء تطبيق اتفاق التهدئة في قطاع غزة، وما نص عليه الاتفاق من توقف جميع الأعمال العسكرية، إلا أن عمليات الاحتلال في قلب القطاع متواصلة ولم تتوقف، سواء من خلال الغارات الجوية، أو التوغلات على الأرض.
فإضافة إلى ما تشهده مدينة رفح جنوب القطاع، من تقدم يومي للدبابات باتجاه مناطق وسط وجنوب المحافظة، شهدت عدة مناطق في القطاع توغلات ومناورات للدبابات، إضافة إلى غارات جوية، نُفذ العديد منها خلال فترة التهدئة.
وشهدت بلدة عبسان الجديدة، شرق محافظة خان يونس، توغلاً برياً يعتبر الأوسع الذي تشهده المحافظة منذ بدء تطبيق اتفاق التهدئة.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن عدداً من الدبابات ترافقها جرافات وآليات عسكرية مُصفحة، تقدمت باتجاه البلدة، أول من أمس، وتمركزت عند الأطراف الشرقية من منطقة عبسان الكبيرة و"حي السناطي"، وسط إطلاق نار وتحليق مُكثف للطائرات المُسيّرة الصغيرة، التي أطلقت النار، وألقت قنابل باتجاه مواطنين من سكان البلدة.
وأشار مواطنون إلى أن آليات الاحتلال المُتوغلة شرق خان يونس، نفذت عمليات تجريف مستمرة في المنطقة، هدمت خلالها عدداً من المنازل، ونسفت خزان مياه في البلدة، وقد تسببت العملية في ترويع المواطنين، ونزوح عشرات العائلات من النازحين الذين كانوا يقيمون خياماً في تلك المنطقة.
وقال المواطن حسين عبد السلام، من سكان شرق خان يونس: إن الجميع فوجئوا بدخول الدبابات إلى بلدة عبسان الجديدة، في أول عملية توغل تشهدها خان يونس منذ بدء اتفاق التهدئة، موضحاً أن العملية تخللها إطلاق نار واعتداءات أسفرت عن سقوط مصابين من سكان البلدة.
وأكد عبد السلام أن الجميع يخشى أن يكون التوغل المذكور باكورة لاعتداءات إسرائيلية مُتجددة قد تستهدف مناطق شرق خان يونس، على غرار ما يحدث بشكل يومي في رفح، معتبراً أن الأمر خطير، خاصة أنه جرى خلال التوغل المذكور هدم منازل ونسف خزان مياه.
وأوضح عبد السلام أن مناطق شرق خان يونس تعيش وضعاً أمنياً صعباً حتى خلال التهدئة، جراء تكرار إطلاق النار باتجاه المنازل والأراضي الزراعية، ومؤخراً تطورت الأمور للتوغل والتجريف، وهناك مخاوف من مزيد من التصعيد.

 

أشعة الشمس تُنقذ النازحين

منذ انتهاء موجة البرد الحالية، وعودة أشعة الشمس للسطوع من جديد، راح نازحون يبحثون عنها، من أجل الشعور ببعض الدفء، وبهدف تجفيف الفراش والأغطية التي طالها البلل بسبب مياه الأمطار، وتجفيف خيامهم التي كادت تسقط عليهم بسبب البلل والرطوبة.
وشُوهد خلال اليومين الماضيين نازحون يجلسون أمام خيامهم، تحت أشعة الشمس، بينما انهمك آخرون بنشر الفراش والأغطية المُبللة، في حين فرح الكثيرون بسطوع الشمس، حتى تُساعد في جفاف الشوارع الترابية في مخيمات النزوح، وتجفف البرك التي تسببت بها الأمطار، ما يُسهّل عليهم الحركة والتنقل.
وقال النازح خالد فارس: إنه فرح لسطوع الشمس بعد غياب أكثر من 5 أيام، واستقرار الطقس، ومنذ الصباح أخرج بمعاونة زوجته وأبنائه الفراش والأغطية من الخيمة، ونشرها تحت أشعة الشمس، وبعدها جلس مع أفراد عائلته تحت أشعتها، ليشعروا بالدفء الذي افتقدوه لأيام، وحتى يُخلصوا أجسادهم من الرطوبة التي تسببها الأمطار، ما قد يُساعدهم أيضاً على التعافي من أمراض البرد التي نهشت أجسادهم.
وبيّن فارس أن مخيم النزوح الذي يُقيم فيه شهد حركة نشطة، فجميع السيدات أخرجن الفراش والأغطية، بينما انهمكت أخريات بغسل الملابس، والفراش، بعد أن عجزن عن ذلك لأيام بسبب الطقس.
وأوضح فارس أن أجمل ما في أشعة الشمس أنها منحتهم قدراً من الكهرباء، حيث كانت الخلية الشمسية التي يمتلكها متوقفة عن إنتاج الطاقة في الأيام الماضية، بسبب غياب أشعة الشمس، ما مكنهم من شحن بطارياتهم وهواتفهم النقالة، وعادوا للتواصل مع محيطهم من جديد، وإنارة خيمتهم في الليل.
وتمنى فارس وغيره من النازحين أن تكون موجة البرد هي الأخيرة في هذا الموسم، وأن يعود الطقس مُعتدلاً خلال الفترات المقبلة.
كما شوهد مُسنون يجلسون تحت أشعة الشمس، إذ قال المواطن كمال مصطفى: إنه يعاني من عدة أمراض ومشاكل، ويعتقد أن أشعة الشمس جيدة لتقوية مناعة الجسم، وإمداده ببعض العناصر، خاصة بعد موجة البرد الشديد التي مرت على المنطقة.
وذكر مصطفى أنه فتح أبواب خيمته للسماح لأشعة الشمس بالنفاذ إليها، لإخراج الرطوبة من داخل الخيمة، كما قام بنشر الملابس والأغطية، مشيراً إلى أن النازحين يُعانون في كل الفصول، ففي الصيف يُعانون الحر الشديد، وفي الشتاء تتفاقم معاناتهم بسبب البرد، وحياتهم أضحت بائسة، خاصة أن معظمهم فقدوا منازلهم، وسيعيشون في خيام لفترات طويلة.

 

استقبال رمضان في الخيام

يستعد نازحون من سكان قطاع غزة لاستقبال شهر رمضان في الخيام، وسط تفاقم معاناتهم، وغياب أفق لحل قريب لمشاكلهم.
وقال نازحون: إن بعضهم سيعيشون ثاني رمضان في الخيام، في حين يعتبره آخرون الشهر الفضيل الأول الذي سيقضونه داخل الخيام.
وأشار المواطن عبد الرحمن سلامة إلى أنه قضى شهر رمضان الماضي في منزله بمدينة رفح، ورغم أنه تزامن مع الحرب، إلا أنهم عاشوا بعض طقوسه وأجوائه الجميلة، لكن هذا العام يبدو الأمر مُختلفاً، فهي المرة الأولى التي سيقضون فيها شهر رمضان في الخيام، نازحين مُشردين، غير قادرين على العودة إلى منزلهم المُدمر جنوب رفح، الذي يقع ضمن منطقة تخضع للاحتلال والحصار الإسرائيلي.
وأكد أنه يشعر بغصة وقهر، فشهر رمضان شهر خير وبركة، وأجواؤه الجميلة تعيشها العائلة كل عام، لكن هذا العام سيقضونه في خيمة، وسط البرد، والنزوح، والفقر، وغياب الأفق لحل قريب لمشكلتهم.
ولفت إلى أنه سيُحاول إسعاد أبنائه ولو بالحد الأدنى، وسيعمل على شراء بعض حاجيات رمضان، وطلب من ابنته صنع فوانيس من الورق لتعليقها في الخيمة، لكن هذا كله لا ينسيهم وضعهم البائس.
بينما قال محمود النجار، وهو نازح من شرق خان يونس: إنه يستعد لقضاء ثاني رمضان في الخيمة، فهو نازح منذ كانون الأول من العام 2023، ودُمر منزله شرق خان يونس، ويعيش وأسرته معاناة كبيرة، وحياة بائسة في ظل النزوح الطويل، وتكرار التنقل بين منطقة وأخرى.
ونوّه إلى أن شهر رمضان في الخيمة له طقوس مختلفة، فالسحور والإفطار داخل الخيمة، والصلاة في مسجد شُيّد من القماش، والأصعب من ذلك أن العيد سيقضونه في الخيمة، وهذا يُعد قمة القهر والحزن، خاصة للأطفال، الذين كانوا يعيشون أجواء الفرح في العيد خلال السنوات الماضية.
وشدد النجار على ضرورة أن يكون شهر رمضان مدعاة من أجل العمل على تخفيف معاناة النازحين بشتى الوسائل الممكنة، وإمدادهم باحتياجاتهم المُختلفة.

 

0 تعليق