هكذا تحوّلت ساحات المساعدات في غزة إلى مصائد للموت - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب خليل الشيخ:


"بينما كنت أنتظر قدومه حاملاً كيساً من الطحين، جاء محمولاً على الأكتاف شهيداً"، هكذا قال الأب محمود شرف وهو ينتظر تكفين ابنه سعيد، في العشرينيات من عمره عند ثلاجة الموتى في مستشفى الشفاء بغزة.
وقال: "من أسبوع وهو بيروح مع الشباب عشان يجيب طحين للأسرة، وفي كل مرة يعود خالي الوفاض مكسور الخاطر، لكن هذه المرة عاد محمولاً وهو ينزف دماً"، مشيراً إلى أن العائلة لم تذق طعم الخبز منذ أكثر من شهرين.
وأضاف شرف، الذي بكى بحرقة عندما حمل الشبان ابنه ورددوا عبارات تترحم عليه "الحمد لله لقد كافأنا الله باستشهاده، فهو شهيد من أجل إطعامنا، فنحن لا نقوى على جلب الطحين من المساعدات، ولا نقوى على شرائه".
استشهاد الشاب شرف كان صورة مكررة لعشرات الشهداء الذين يقضون وهم يسعون لجلب الطحين من الشاحنات التي تقف في مناطق أقرب لتواجد قوات الاحتلال، سواء شمال بيت لاهيا أو جنوب غربي رفح، وأيضاً في محيط "نتساريم" وسط القطاع.
وتستقبل وحدات الاستقبال في المستشفيات يومياً، عشرات الشهداء والجرحى، الذين يتعرضون لإطلاق النار من قبل قوات الاحتلال بينما يستعدون لجلب الدقيق من الشاحنات، فيما عرفه البعض بمصائد الموت.
وباتت ظاهرة التوجه لجلب هذه المساعدات حديث الشارع الغزي، حيث يتناقل المواطنون الأخبار عن موعد ومكان وصولها، رغم ما يكتنف ذلك من مخاطر على حياة وسلامة هؤلاء المجوعين.
وذكرت مصادر محلية أن تهافت عشرات الآلاف من المواطنين على انتظار هذه الشاحنات يجسّد حالة المجاعة المتصاعدة في قطاع غزة، وشعور غالبية المواطنين بالجوع الشديد.
يسير المواطن شرف خلف مسيرة متواضعة لتشييع ابنه إلى مثواه الأخير، بينما تحضر مركبات الإسعاف جرحى وشهداء جددا إلى مستشفى الشفاء.
وأوضحت مصادر طبية وأخرى محلية مطلعة أن 12 شهيداً قضوا، فجر أمس، من بين منتظري المساعدات في ثلاثة محاور؛ شمال ووسط وجنوب القطاع.
وقال المسعف أحمد أبو فول، إنه نقل عشرات الجرحى من منطقة السودانية شمال بيت لاهيا، مشيراً إلى أن غالبية هؤلاء أصيبوا برصاص وشظايا قذائف أطلقتها البوارج الإسرائيلية.
وأشار إلى أن طواقم الإسعاف أُبلغت بوجود شهيدين قرب الصالة الذهبية شمال غربي بيت لاهيا، لكن خطورة المنطقة وقرب تواجد قوات الاحتلال منعا وصول الطواقم لانتشالهما.
وتحولت فرحة عائلة شرف، التي تنزح في خيمة بمنطقة "المخابرات"، وهي بانتظار عودة ابنها حاملاً الدقيق، إلى كابوس فور علمها باستشهاده.
وقال الأب: "كنا نتحرى وصوله بعدما تأكدنا أنه في مكان قريب من قدوم الشاحنات، لدرجة أن البنات صرن يستعدن لصنع الخبز، إلى أن خبر استشهاده نزل كالصاعقة على رؤوسنا جميعاً".
وأضاف: "رصاصة اخترقت رأس ابني أسقطته شهيداً على الفور، بينما شوهدت بقايا الدقيق على ملابسه التي كانت متسخة بالطين والرمل".
وقال المتحدث باسم حركة "فتح" في قطاع غزة منذر الحايك، في تصريحات صحافية: "غزة التي باتت مكاناً غير صالح للحياة تموت بعيداً عن أعين الإعلام، في ظل حالة التجويع والقتل المتعمد"، مؤكداً أن الاحتلال يتعمد إلقاء أكياس الدقيق بطريقة مهينة في أماكن تحولت إلى مصائد للموت.

 

0 تعليق