صدام حفتر نائبا لوالده.." تمكين عائلي" أم توريث على الطريقة الليبية ؟ - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صدام حفتر ارتقى بسرعة كبيرة في سلك الجيش، وأصبح الرجل الثاني في المؤسسة العسكرية القائمة في الشرق الليبي (الجزيرة)

صدام حفتر ارتقى بسرعة كبيرة في سلك الجيش، وأصبح الرجل الثاني في المؤسسة العسكرية القائمة في الشرق الليبي (الجزيرة)

المحفوظ فضيلي

23/8/2025-|آخر تحديث: 09:59 (توقيت مكة)

تحت شعار هدفه المعلن "تطوير وتحديث القوات المسلحة"، استغل اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر يوم 10 أغسطس/آب الجاري احتفالا عسكريا في معقله ببنغازي، ليطلق ما أسماها "رؤية 2030". لكن الشعار التحديثي البراق الذي أعلنه حفتر (82 عاما) في مناسبة وطنية هي الذكرى 85 لتأسيس الجيش الليبي، ما لبث أن تبين بعد يومين أنه مجرد واجهة لسلوك تقليدي قوامه؛ توريث زعامته إلى صدام وخالد؛ نجليه المفتقرين إلى أية خبرات عسكرية ذات شأن.

ففي 12 أغسطس/آب، أصدر حفتر الأب قرارا بتعيين نجله صدام (34 عاما) الذي يشغل منذ مايو/أيار 2024 منصب قائد القوات البرية لقوات شرق ليبيا، نائبا له. وفي 20 من الشهر نفسه، أصدر حفتر الأب إعلانا مماثلا بتعيين نجله الثاني خالد رئيسا للأركان العامة لقواته، بدلا عن الفريق عبد الرازق الناظوري الذي عيّن مستشارا لمجلس الأمن القومي. وأرفق البيان الثاني بصورة تظهر لقاء "المشير أركان حرب خليفة أبو القاسم حفتر برئيس الأركان العامة الفريق أول ركن خالد حفتر في مكتبه بمقر القيادة العامة في منطقة الرجمة بضواحي بنغازي" ، وأخرى تظهر الأب وهو يضع نجوم الرتبة العسكرية الجديدة على أكتاف الضابط الشاب.

ما ملابسات توريث اللواء المتقاعد خليفة حفتر سلطاته العسكرية في وحدات الجيش المتمركزة في شرق ليبيا لأكبر أنجاله؟ هل هو تكريس لسابقة معمر القذافي مع أبنائه؟ وكيف استقبلت الحكومة المعترف بها دوليا والتي تقود وحدات نظامية في غرب ليبيا تابعة لحكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة هذه الخطوات التي أجازها برلمان طبرق؟ وما هو رصيد حفتر الابن في السياسة والعسكرية؟

صدام حفتر A picture obtained in the FaceBook page of Libya's eastern military chief Khalifa Haftar's media office, shows his son Saddam Haftar attending a military parade in Benghazi. Libya's military strongman in the east, Khalifa Haftar, has recently appointed his youngest son as chief of land army -- the latest of household appointments in an effort to tighten the family's grip on the divided country's east. In early June, General Saddam Haftar, 33, took over as chief of staff of the land forces within the Libyan Arab Armed Forces (LAAF), the eastern-based military which his father heads. (Photo by Media office of Khalifa Haftar / AFP) / === RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY CREDIT
صدام حفتر تقلد منصب قائد القوات البرية وهو في الـ33 من العمر (الفرنسية)

في ذروة السباق إلى الترشح للانتخابات الرئاسية في ليبيا التي كان مزمعا تنظيمها عام 2024، حامت شكوك كثيرة حول أهلية عدد من الساعين للمنصب، وتحديدا حول مدى استيفائهم للشروط المطلوبة، من قبيل عدم ازداوجية الجنسية وعدم تضارب المصالح وسلامة السجل الجنائي.

واتجهت الأنظار آنذاك بالتحديد إلى مرشحيْن محتملين يختزلان في اسميهما الكثير من ملامح محنة ليبيا منذ اندلاع ثورة 17 فبراير/شباط 2011: اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي حاول عام 2014 نسف كل مكتسبات تلك الثورة، وسيف الإسلام القذافي الذي حاول -بكل ما أوتي من قوة- التصدي لتلك الثورة قبل أن تطيح بوالده معمر قذافي بعد 42 عاما من الاستفراد بالسلطة.

وعلى خلفية الانقسام السياسي الحاد بين شرق البلاد وغربها، وفي غمرة التجاذب والأمني والقضائي والدستوري من أجل الترشح لانتخابات رئاسية كان الليبيون يعولون عليها للعبور إلى دائرة الاستقرار، بدأ كل طرف يستثمر ما بيده من أوراق ضغط لدعم ملفه وفرض شروطه.

في تلك اللحظة السياسية المفصلية، راجت أنباء تفيد بأن اللواء المتقاعد حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد وجزء من جنوبها، أبدى استعداده لعدم الترشح لذلك الاقتراع، لكن شريطة أن يحل محله في السباق نجلاه صدّام وبلقاسم.

حفتر الأب عند وصوله إلى قصر الإليزيه في زيارة رسمية في مايو 2018(الأوروبية- أرشيف)

ولو تم إخضاع ذلك الموقف لضوابط علم النفس وعلم السياسة، فإنه لم يكن أمام حفتر سوى الامتثال لقانون الأجيال الذي يملي عليه أن يتوارى إلى الخلف ويفتح المجال لأحد أبنائه لمقارعة سيف الإسلام القذافي، وأضرابه من الجيل الجديد، أما هو (خليفة حفتر) فلم يعد له، نظريا، مكان في المضمار في غياب غريمه المفترض، معمر القذافي الذي حاول مبكرا الانقلاب عليه لكنه أخفق في ذلك.

وتعكس تلك الرغبة الأبوية واحدة من المحطات التي أبدى فيها حفتر نواياه في ترتيب البيت الداخلي تمهيدا لمرحلة ما بعد رحيله، بعد أن تقدم في العمر ومرّ بوعكة صحية حادة عام 2018، نُقل بسببها للعلاج في الأردن وفرنسا، وراجت أنباء عن إصابته بنزف في الدماغ أدخله في غيبوبة بينما أشارت مصادر أخرى إلى إصابته بجلطة في القلب بسبب وجود ماء في الرئة سببت له ضيقا في التنفس.

ومنذ تلك المحنة الصحية، مضى خليفة حفتر في سلسلة إجراءات لتعزيز نفوذ عائلته وتوزيع الأدوار بين أبنائه لجهة إحكام السيطرة التامة على معسكر شرق البلاد، خلف واجهة سياسية مؤسساتية هي مجلس النواب (بنغازي) وحكومة معينة في مقابل الحكومة القائمة في غرب البلاد (طرابلس) والتي تحظى باعتراف دولي.

تمكين عائلي

وتجسدت معالم ذلك التمكين العائلي في توزيع النفوذ بين عدد أبنائه على واجهات حيوية ومتكاملة، هي أساسًا: الواجهة العسكرية ويلعب فيها صدّام الدور الرئيسي، والواجهة الأمنية الموكلة إلى خالد حفتر، في حين عُهد بالشق الاقتصادي إلى بلقاسم حفتر الذي يدير "صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا".

وتتكامل تلك الجبهات ضمن منظومة حكم انطلقت منذ عام 2014، تاريخ محاولة حفتر الانقلاب من بنغازي على المؤتمر الوطني (البرلمان) والحكومة وكل ما تحقق في البلاد من مكتسبات سياسية ومؤسساتية، لكنه بعدما خاب مسعاه وطنيا، انكفأ على محيطه في برقة شرقي البلاد.

وهكذا انطلق حفتر في حرب مفتوحة، بدءا من مدينة بنغازي تحت ما سماه "فجر الكرامة"، مستهدفا الثوار من مختلف التيارات، وأشرك في ذلك وجوها كثيرة من عائلته والمقربين منه قبليا وعسكريا وسياسيا.

وبرز بشكل لافت في المشهد الجديد أصغر أبناء حفتر، صدّام الذي لعب أدوارا كثيرة في بسط سيطرة أبيه بكل الأساليب الممكنة، مع ما استتبع ذلك من انتهاكات حقوقية وأعمال ابتزاز ونهب وبلطجة، وفق توصيف إحدى الصحف الفرنسية.

صورة تجمع المبعوث الدولي غسان سلامة وخليفة حفتر وعون الفرجاني ويظهر بالخلف صدام نجل حفتر (المكتب الاعلامي لحفتر) (مواقع التواصل الاجتماعي)
صورة تجمع المبعوث الدولي غسان سلامة وخليفة حفتر وعون الفرجاني ويظهر بالخلف صدام نجل حفتر (المكتب الاعلامي لحفتر) (مواقع التواصل الاجتماعي)

كما كان خالد حفتر شريكا محوريا لأبيه في أبرز المحطات التي خاضها سعيا لتحقيق طموحه السياسي في تثبيت أقدامه في إقليم برقة، تمهيدا للوصول إلى سدة الحكم في البلاد برمتها.

وإضافة إلى صدام وخالد وبلقاسم، لحفتر أبناء آخرون هم عقبة والصادق والمنتصر، إضافة إلى بنت تدعى أسماء وتعيش في ولاية فرجينيا التي كان يعيش فيها والدها خلال سنوات المنفى.

الرجل الثاني

لكن الأكثر حضورا في واجهة الأحداث هو صدّام الذي ارتقى بسرعة كبيرة في سلك الجيش، وأصبح الرجل الثاني في المؤسسة العسكرية القائمة في الشرق، عندما أصدر خليفة حفتر بصفته القائد العام للقوات المسلحة الليبية قرارا يوم 12 أغسطس/آب 2025 بتعيين ابنه الفريق أول صدام نائبا للقائد العام.

وفي خطوة مماثلة، أصدر خليفة حفتر لاحقا قرارا بتعيين نجله خالد في منصب رئيس الأركان العامة للجيش، بينما تم إقرار نقل رئيس الأركان الفريق عبد الرزاق الناظوري من منصبه وتكليفه بمهام مستشار للأمن القومي التابع لمجلس النواب.

نجلا حفتر صدام( يمين) وخالد خلال تفقد منشئات مدينة خليفة حفتر العسكرية ببنغازي في مايو 2025 (حساب قوات جيش شرق ليبيا على فيسبوك)

نجلا حفتر صدام( يمين) وخالد خلال تفقد منشئات مدينة خليفة حفتر العسكرية ببنغازي في مايو 2025 ( حساب قوات جيش شرق ليبيا على فيسبوك)

ووفق ردود الأفعال الصادرة من طرابلس، فإن القرار الخاص بصدّام ليس مجرد ترقية عادية، بل إن الأمر يتعلق باستحداث رتبة عسكرية جديدة مصممة للمعني بالأمر، وهو ما يُشكل لبنة أخرى على درب تثبيت سطوة عائلة حفتر في شرق البلاد.

وقد زاد ذلك القرار في تعميق الخلافات بين بنغازي وطرابلس، إذ وافق عليه مجلس النواب (بنغازي) بينما رفضه المجلس الرئاسي (طرابلس) بحجة أن أي تعيين في قمة هرم القيادة العسكرية هو من اختصاص المجلس.

وإذا كان الخلاف المؤسساتي متوقعا، فإن القرار في جوهره لم يكن مفاجئا بشكل كبير لمتتبعي الشأن الليبي والعارفين بأسلوب حفتر في تدبير الفضاء الذي استطاع إخضاعه بقوة السلاح وباقي أشكال الإكراه والاستقطاب المشروعة وغير المشروعة.

إجراءات حفتر أعادت إلى الأذهان تجربة القذافي مع أبنائه (رويترز)

على خطى القذافي

رأى كثيرون في تلك الخطوة إشارة واضحة وصريحة في مسلسل توريث على الطريقة الليبية، في نسخة جديدة تعيد للأذهان نسخة سابقة لم تكتمل معالمها، عندما مكّن القذافي لأبنائه كل سبل الوجاهة السياسية والإعلامية والاقتصادية والرياضية والعسكرية، دون أن يسلم مفتاح العرش لأي منهم، وعندما "دقت ساعة الحقيقة" تهاوى البيت برمته.

ويبدو أن حفتر يسير على هدي رفيق دربه القذافي الذي كان شريكا له في الإطاحة بنظام الملك إدريس السنوسي في 1 سبتمبر/أيلول 1969، وفي بعض مغامراته العسكرية في المنطقة، قبل أن تتفرق بينهما السبل أواخر ثمانينيات القرن الماضي ويتحول إلى غريم له تحت المظلة الأميركية منذ عام 1990.

وفي هذا الصدد، كتبت مجلة فرنسية تعنى بالشأن الأفريقي، أنه على غرار سيف الإسلام القذافي، نجل ووريث "القائد"، يُقدَّم صدام حفتر في وسائل الإعلام الدولية -بالإجماع تقريبًا- كخليفة لوالده على رأس القوات المسلحة الليبية، وبالتالي قيادة معسكر الشرق (برقة) والجنوب (سبها).

وعلى غرار القذافي، فإن خليفة حفتر بدوره يتجه إلى الإبقاء على الغموض حول خلافته، بما يوحي أنه سيبقى الرجل الضروري إلى آخر لحظة من هذه المرحلة المصيرية في تاريخ البلاد، وإن كان عمليا يضع الأركان لاستمرار سلطة العائلة وفق ترتيبات مُحكمة.

وبالنظر إلى المكانة البارزة لصدام في هندسة السلطة وسيناريو التوريث داخل عائلة حفتر، فإن وسائل الإعلام المحلية والدولية سلطت عليه أضواء مكثفة خلال السنوات القليلة الماضية.

صدام حفتر المصدر: حساب massad boulos على إكس U.S. Senior Advisor for Africa @US_SrAdvisorAF · Jul 25 I also held a discussion with Lt Gen Saddam Haftar to follow up on his important visit to Washington in April. We discussed ways to expand cooperation and reinforce Libyan efforts to unify the military and other key institutions. I reiterated U.S. support for Libyan unity, sovereignty, and stability.
صدام حفتر مستقبلا مستشار ترامب مسعد بولص في يوليو الماضي(حساب بولص على منصة إكس)

وتشير تقارير إعلامية إلى أن الابن الأصغر لخليفة رأى النور عام 1991 في مدينة بنغازي، واختار له والده -الذي كان آنذاك في أولى سنوات المنفى الأميركي- من الأسماء "صدّام"، استلهاما لروح القومية العربية التي كانت مجسدة آنذاك في الرئيس العراقي صدام حسين، الذي كان وقتها في واجهة الأحداث إقليميا ودوليا عقب تدخله في الكويت، وما تلاه من عمل عسكري دولي لإخراجه من ذلك البلد الخليجي.

وخلافا للإجماع على اسمه ومكان ميلاده، تتضارب الروايات بشأن ازدواجية جنسيته، إذ يعتقد الكثيرون أنه نشأ في الولايات المتحدة، في ولاية فرجينيا، حيث عاش والده في المنفى من ديسمبر/كانون الأول 1990 حتى عودته إلى ليبيا عام 2011 بعد سقوط نظام القذافي.

وفي هذا الصدد، تشير بعض الأنباء إلى أنه كان موضوع دعوى قضائية في أميركا إلى جانب والده بحكم جنسيتهما الأميركية، وهي دعوى رفعها أقارب مواطنين ليبيين كانوا ضحايا جرائم حرب وانتهاكات حقوقية ادّعوا أن المسؤول عنها حفتر وبعض أبنائه من حملة الجنسية الأميركية، وهو ما يسمج بمقاضاتهم في بلاد العم سام.

في المقابل، تقول مصادر أخرى إنه لا يحمل الجنسية الأميركية، وإنه ترعرع وتابع دراسته الابتدائية في مدينة بنغازي التي كانت أهم المعاقل المناهضة لنظام العقيد القذافي، وشهدت أثناء الربيع العربي أولى المظاهرات الداعية لإسقاط نظامه.

سرقة أثناء الثورة

كما يُعتقد أن صدام حفتر لم يحصل على شهادة الثانوية العامة، وكان في ربيعه العشرين عندما اندلعت ثورة 20 فبراير/شباط 2011 المطالبة بإسقاط نظام القذافي، ولم تحفل إخباريات الثورة بأي دور بارز له في ذلك الحراك.

BENGHAZI, LIBYA - FEBRUARY 25: Libyans protest demanding the removal of Libyan leader Muammar Gaddafi following Friday prayers on February 25, 2011 in Benghazi, Libya. Benghazi residents mourned more victims of the violence as fighting continued around the capitol Tripoli. (Photo by John Moore/Getty Images)
لم تكن لصدام حفتر مشاركة تذكر في الثورة على نظام القذافي (غيتي إيميجز-أرشيف)

لكن بعض التقارير تحتفظ لصدام بذكرى المشاركة مع بعض رجاله أثناء الثورة؛ بمحاولة الاستيلاء على خزائن إحدى البنوك في طرابلس، وهي عملية أصيب فيها بجروح، ومنها بدأت ترتسم في الأذهان سمعته السيئة.

وبعد ذلك، شارك في جميع الحملات التي قادها والده منذ عام 2014 واستمرت عدة سنوات من أجل الاستيلاء على برقة، وفي الحملة العسكرية الواسعة التي شنها على العاصمة طرابلس عامي 2019 و2020 لكنها باءت بالفشل.

وزادت قوة صدام حفتر عندما تولى عام 2016 قيادة لواء طارق بن زياد وحوّله إلى وحدة متكاملة داخل الجيش الوطني الليبي بقيادة والده، وأصبح لها وجود في جميع الأراضي التي يسيطر عليها خليفة حفتر.

وظلت ممارسات لواء طارق بن زياد محط انتقادات كثيرة رسخت السمعة السيئة لقائده صدام حفتر. وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا دامغا جاء فيه أن اللواء قام منذ إنشائه "بإرهاب السكان في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الليبي، وارتكب قائمة طويلة من الأعمال المروعة: عمليات قتل غير قانونية، وتعذيب وسوء معاملة، واختفاء قسري، واغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، فضلاً عن النزوح القسري، دون أي خوف من العواقب".

"أمير حرب"

ووصفت مجلة "جون أفريك" صدام حفتر بأنه "مهرّب دولي" و"أمير حرب"، وقالت إن رجاله متورطون في أكثر عمليات التهريب المدرة للأموال: الكبتاغون، والقنب الهندي، والوقود، والذهب، والخردة المعدنية المسروقة من المصانع المصادرة، وبالطبع؛ الاتجار بالبشر، وهو وسيلة فعّالة للضغط على العواصم الأوروبية، وفق المجلة.

ولم يكن عناصر اللواء يترددون في عمليات الابتزاز والخطف والمطالبات بالفدية مع رجال الأعمال. وفي عام 2018، أكد تقرير لخبراء الأمم المتحدة أن قوات اللواء استولت على ما يعادل 160 مليون يورو من خزائن البنك المركزي في مدينة بنغازي بعدما أصبحت تحت سيطرتهم بالكامل.

وفي شوارع بنغازي، تظهر صورة صدام حفتر إلى جانب والده في أكثر من مكان، ونقلت المجلة عن خبير في الشأن الليبي أن ذلك جزء من عملية تلميع صورة صدام، رغم أن "الناس يعرفون أنه يفتقر إلى الكاريزما والبلاغة، وأن سيرته خالية من أي إنجاز ذي بال، باستثناء سمعته المرتبطة بأنشطة غير مشروعة متعددة".

ولا توجد معلومات وافية عن سجله الدراسي أو تكوينه العسكري، لكن المؤكد أنه تحت جناح والده حظي بترقية سريعة في صفوف الجيش ووصل إلى رتبة لواء في سبتمبر/أيلول 2023، وفي العام التالي تولى منصب قائد القوات البرية، ثم رُقي إلى رتبة فريق، ليصبح نائب القائد العام للجيش الوطني الليبي في 2025.

وإلى جانب هذا التمكين العسكري، حظي صدام حفتر بتأهيل آخر ذي طبيعة دبلوماسية بدا جليا في عام 2022 عندما كان موفدا باسم والده إلى طرابلس للتفاوض مع حكومة غرب البلاد بقيادة عبد الحميد الدبيبة بشأن تدبير القطاع النفطي في البلاد من جهة الإدارة والإنتاج واقتسام الموارد المالية بين شرق البلاد وغربها.

وتسارع ذلك التأهيل الدبلوماسي بابتعاث صدام حفتر في زيارات رسمية إلى عدد من العواصم الإقليمية والدولية المؤثرة في الملف الليبي، أبرزها واشنطن وباريس وروما وأنقرة والقاهرة، وهي خطوات ترمي إلى تسويق الرجل خارجيا في إطار توسيع التحالفات الدولية لمعسكر الشرق.

صدّام وإسرائيل

لكن اللافت في ذلك الجانب هو الزيارة التي قالت وسائل إعلام دولية كثيرة إن صدام حفتر قام بها إلى إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 قادما من دبي، ونقل خلالها إلى المسؤولين الإسرائيليين رسالة من والده يطلب فيها مساعدة عسكرية وسياسية من تل أبيب، مقابل إقامة علاقة دبلوماسية بين ليبيا وإسرائيل في المستقبل.

صدلم حفتر نجل خليفة حفتر
صحفي ليبي موال لصدام حفتر تحدث عن لقاءاته بمسؤولين إسرائيليين (مواقع التواصل الإجتماعي)

وتجدد الحديث عن العلاقة بين معسكر شرق ليبيا وإسرائيل في مايو/أيار 2025 عندما كشف محمود المصراتي، الصحفي الموالي لخليفة حفتر، عن حضوره شخصيا لقاءات جمعت صدّام حفتر بمسؤولين من الموساد الإسرائيلي عرضوا دعمه بهدف الوصول إلى سدة الحكم في ليبيا مقابل تنحي والده، لكنه رفض، وفق شهادته.

وفي سياق الأزمة الليبية، لا تخفي إسرائيل انحيازها إلى معسكر الشرق على حساب معسكر الغرب (طرابلس) الذي يحظى باعتراف أممي ودولي واسع، وبدعم صريح من أطراف إقليمية وازنة على رأسها تركيا.

صدلم حفتر نجل خليفة حفتر-
الأطراف الإقليمية لم تتطرق إلى صعود صدام حفتر(مواقع التواصل الإجتماعي)

مواقف دولية

وتطرح تحركات صدام حفتر الدولية سؤالا بشأن مواقف العواصم الدولية من صعوده السريع، ومن احتمال خلافته لوالده على رأس معسكر الشرق الذي أصبح على مر السنين جزءا لا يتجزأ من المعادلة الليبية سياسيا وعسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا.

وتتباين القراءات بشأن مواقف الأطراف الإقليمية من صدام حفتر بناء على الموقف العام من الشأن الليبي برمته، إذ إن الجهات الداعمة لخليفة حفتر عسكريا واقتصاديا، تتجه إلى دعم نجله صدام وباقي أبنائه كل في مجاله.

لكن موقف مصر يبقى ملفوفا ببعض الغموض، وذلك بسبب موقف معسكر الشرق الليبي من الأزمة القائمة في السودان، إذ تميل القاهرة إلى دعم الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان في القتال ضد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي تشير بعض التقارير إلى أنه يحظى بدعم معسكر الشرق انسجاما مع مواقف أطراف إقليمية أخرى.

المصدر: الجزيرة

0 تعليق