عاجل

مالطا.. حين تسري روح عربية في ملامح أوروبية - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تتميز مالطا بجمالها الأخاذ، شمس ساطعة وبحر فيروزي، تاريخ عريق، وسحر خالد لا يضاهى. تقع في البحر المتوسط، قريبا من صقلية وتونس وليبيا في الشمال الأفريقي، وهي إحدى أصغر دول العالم وأكثرها في الكثافة السكانية.

وتُجسّد هذه الجزيرة مقولة "المساحة ليست كل شيء" بأصدق صورها؛ فرغم مساحتها الصغيرة التي لا تتجاوز 316  كيلومترا مربعا، تزخر بالمعالم الأثرية والوجهات السياحية الجذابة.

جمهورية مالطا ذات النظام البرلماني تتكون من 3 جزر مأهولة بالسكان هي: مالطا، وغوزو وكومينو. عاصمتها فاليتا، أصغر عاصمة أوروبية، وأشهر مدنها: سليمة، مدينة، رباط، مليحة، سان جيليان، حمرون. ويعتمد اقتصاد مالطا بشكل كبير على الصيد البحري والسياحة، وتشتهر بمياهها الصافية التي تعتبر مثالية للغوص.

تعاقبت على حكم مالطا حضارات عديدة من حوض البحر المتوسط، بدءا من الفينيقيين والرومان مرورا بالعرب والنورمان والفرنسيين ثم الإنجليز، إلى أن نالت استقلالها عام 1964، وأُعلنت جمهورية في 1974، قبل أن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004. وتُعد الكاثوليكية الرومانية الديانة الرسمية في البلاد، بينما يعتنق عدد محدود من المالطيين طوائف مسيحية أخرى أو الإسلام.

من أين جاءت اللغة المالطية؟

تُعد المالطية والإنجليزية اللغتين الرسميتين في مالطا، حيث تُستخدم الإنجليزية لغة أساسية في التدريس بالمدارس، بينما كانت الإيطالية لغة الكنيسة والحكومة حتى عام 1934 ولا تزال مفهومة لدى شريحة واسعة من السكان.

أما اللغة المالطية فتُعد حالة فريدة ومثيرة للاهتمام، إذ نشأت من اندماج اللهجة العربية لسكان شمال أفريقيا مع لهجة صقلية الإيطالية، فهي في الأصل امتداد للهجة العربية الصقلية (سيكلو). وبمرور الوقت، تطورت المالطية لتصبح لغة مستقلة، حيث تشكّل المفردات العربية نحو الثلث، بينما يستحوذ الأصل الإيطالي على نصفها تقريبا، ويكملها عدد من الكلمات ذات الجذور الفرنسية والإنجليزية.

إعلان

نُشر تقرير في صحيفة الإيكونوميست بعنوان "من أين جاءت اللغة المالطية؟" يستنتج فيه كاتبه أن المالطية تكونت نتيجة للفتوحات المختلفة التي شهدتها الجزيرة منذ القرن التاسع حتى استقلالها، كما يشير كاتب المقال إلى أن الحركات الاستعمارية المختلفة الجذور أثرت بشكل ملحوظ على الهوية المالطية إلى جانب اللغة، وجوانب أخرى في هندسة العمارة وفنون الطبخ، كما اكتسب المالطيون في الوقت نفسه عناصر جديدة لتلائم بيئتهم وطبيعتهم الاجتماعية.

يرى المؤرخ غودفر يوتينجر أن اللغة المالطية ليست سوى لكنة عربية أُضيفت إليها بعض المفردات الإيطالية، بل يذهب أبعد من ذلك ليطرح تصورا بأن المالطيين أنفسهم قد يكونون في الأصل عربا مسلمين اعتنقوا المسيحية تدريجيا بعد أن تقطعت بهم السبل، وذلك وفقا لما ورد في كتاب "مسافات وقصائد أخرى" للشاعر المالطي أدريان كريما.

إحدى شوارع مالطا التي تتميز بكثرة المشربيات ذات الطابع العربي
شوارع مالطا التي تتميز بالمشربيات ذات الطابع العربي (الجزيرة)

مالطا بين الثقافة الغربية والشرقية

تتجلى ثقافة مالطا في مزيج غني من التقاليد العربية والإيطالية، ويعود ذلك إلى التحولات التاريخية التي شهدتها الجزيرة عبر القرون. فقد بدأت القصة مع حكم الفاطميين لشمال أفريقيا وصقلية في أواخر القرن التاسع الميلادي، إذ جلبوا معهم اللهجات المغاربية ولهجات قبائل شمال أفريقيا. ثم انتقل المستوطنون المسلمون الناطقون بالعربية من جزيرة صقلية إلى مالطا عام 1049 تقريبا، وبدؤوا بتأسيس مجتمعهم هناك، مستفيدين من قرب الجزيرة التي لا تبعد سوى نحو 200 كيلومتر عن صقلية.

وتختلف المصادر التاريخية في المدة التي خضعت فيها مالطا للحكم الإسلامي؛ إذ تقدر بين نحو 250 عاما و450 عاما. لكن، وبصرف النظر عن هذه الفجوة الزمنية، يبقى تأثير الحضارة الإسلامية حاضرا بوضوح في ثقافة الجزيرة وعمرانها ولغتها. كما لعب القرآن الكريم دورا مهما في الحفاظ على العربية داخل المجتمع المالطي لفترة طويلة، مما جعل أثرها ممتدا حتى في اللغة المالطية المعاصرة.

"خراب مالطا" بعد نابليون بونابرت

يرتبط المثل الشهير "جاء بعد خراب مالطا"، الذي يُستخدم للدلالة على أن الإصلاح جاء متأخرا أو بلا جدوى، بمرحلة تاريخية عصيبة في الجزيرة. ففي عام 1798 احتل الفرنسيون مالطا بقيادة نابليون بونابرت، وألحقوا بها دمارا واسعا رغم قصر مدة احتلالهم الذي لم يتجاوز عامين؛ إذ قاموا بنهب خيراتها وتخريب قصورها وكنائسها، فاضطر سكانها إلى الهجرة نحو جزيرة صقلية الإيطالية. ولم يتمكن المالطيون من العودة إلى ديارهم إلا بعد أن بسط الإنجليز سيطرتهم على الجزيرة عام 1800.

***داخلية*** مالطا.. حين تسري روح عربية في ملامح أوروبية
 العاصمة القديمة لمالطا يحيط بها سور يعود إلى العصور الوسطى ويعرفها سكان مالطا والزوار بـ"المدينة الصامتة"(الجزيرة)

فاليتا مدينة نابضة بالحياة

تقع فاليتا، عاصمة مالطا، على شبه جزيرة جبلية بين اثنين من أجمل الموانئ الطبيعية في البحر المتوسط، وتعد من المدن التاريخية الغنية بالإرث الثقافي والحضاري، إذ تعاقبت عليها حضارات متعددة تركت بصماتها العمرانية والفنية. تشتهر فاليتا بمينائها الكبير وشوارعها الأنيقة، إلى جانب مبانٍ تاريخية تعود للقرن 16، إضافة إلى المتاحف والقصور والكنائس التي تملأ أرجاءها. ومن أبرز معالمها السياحية قصر "كاسا روكا بيكولا" المعروف بفخامته وتصميمه العمراني العريق، ومسرح "مانويل" للفنون الجميلة، أحد أقدم المسارح في أوروبا، الذي يمتاز بطرازه الهندسي الجذاب ويقدم عروضا فنية مميزة.

حدائق باراكا (بركة) العليا إطلالة بانورامية

وتقع هذه الحدائق العامة ذات الأروقة التي بناها الفرسان الإيطاليون للترفيه عنهم وزينها البريطانيون على قمة أسوار فاليتا الحصينة، لتوفر إطلالة بانورامية على المدينة والميناء الكبير. وإذا تمكنت من زيارتها في الظهيرة، فستستمع إلى الموسيقى العسكرية البريطانية وتتعرف على معلومات عن تاريخ مكبرات الصوت وإطلاق المدافع الحربية.

المدينة الصامتة عاصمة مالطا القديمة

"مدينة"، العاصمة القديمة لمالطا، والتي يحيط بها سور يعود إلى العصور الوسطى ويعرفها سكان مالطا والزوار بـ"المدينة الصامتة"، ولا تزال البلدة متقوقعة وراء أسوارها، وتعتبر معظم مبانيها أملاكا وبيوتا خاصة. وأثناء تجولك في شوارع مدينة وأزقتها الضيقة ستظن للوهلة الأولى أنها مكان أثري غير مأهول، وبقليل من التركيز ستكتشف وجود حياة هادئة خلف تلك النوافذ والأبواب العتيقة، كما ستلاحظ وجود لافتات تحذر من الضوضاء وتنبه إلى مراعاة الهدوء احتراما لساكني "المدينة الصامتة".

البحيرة الزرقاء "بلو لاغون"

تقع في جزيرة كومينو، وتعتبر من أجمل الأماكن السياحية في مالطا، لمياهها الصافية الزرقاء والرمال الناعمة، كما تتوفر بها أنشطة ترفيهية متنوعة مثل ركوب الأمواج، ورحلات القوارب والغطس.

نافذة أزور

تُعد نافذة أزور البحرية من أبرز المعالم الطبيعية في جزيرة غوزو المالطية، إذ كانت تكوينا صخريا طبيعيا مذهلا على شكل قوس بارتفاع نحو 28 مترا يمتد في عرض البحر. وقد شكلت النافذة واحدة من أهم الوجهات السياحية في مالطا حتى انهيارها عام 2017 بفعل عوامل التعرية الطبيعية. ورغم زوال القوس، ما زالت المنطقة تجذب الزوار الراغبين في مشاهدة بقاياه والاستمتاع بجمال الشواطئ والمناظر الخلابة المحيطة به.

مالطا.. حين تسري روح عربية في ملامح أوروبية
أحد شوارع وأزقة مدينة مالطا (الجزيرة)

مصعد الباراكا

افتتح مصعد الباركا أو "الباراكا ليفت" في ديسمبر/كانون الأول 2012 ليربط بين حديقتي الباركا وسط مدينة فاليتا، في الموقع نفسه الذي كان يشغله المصعد القديم قبل تفكيكه عام 1983. يبلغ ارتفاع المصعد نحو 58 مترا، ويستوعب 21 شخصا في الرحلة الواحدة التي لا تتجاوز 25 ثانية فقط. ويعد وسيلة مريحة خاصة للمسافرين القادمين من محطة الركاب في فاليتا للوصول بسهولة إلى قلب المدينة.

السلاحف البحرية في مالطا

تزخر مالطا بتنوع غني من الكائنات البحرية، وتعد السلاحف البحرية من أبرز الزواحف التي تعيش في مياهها. ورغم أنها مهددة بالانقراض بسبب التلوث البلاستيكي وتراجع أعدادها، فإنها لا تزال شائعة في عرض البحر.

إعلان

يمكن مشاهدة 5 أنواع من السلاحف البحرية في مالطا، أبرزها سلحفاة الرأس الكبير والسلحفاة الخضراء، وغالبا ما تُرصد أثناء الغطس السطحي عندما تعود إلى السطح لالتقاط أنفاسها. ومن أشهر مواقع الغطس في الجزيرة خليج جولدن وبارادايس وسانت بول إضافة إلى بحيرة كومينو الزرقاء في شمال مالطا.

0 تعليق