"سيارا".. الرومانسية تعود إلى بوليود وتكسر هيمنة الأكشن - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

استطاع الفيلم الهندي "سيارا" (Saiyaara) أن يحصد نجاحا جماهيريا لافتا، بعد أن تجاوزت إيراداته العالمية 65 مليون دولار أميركي في أقل من شهر على انطلاقه في دور العرض. وبذلك، حجز مكانه كثاني أكثر الأفلام الهندية ربحًا هذا العام، رغم المنافسة القوية مع مجموعة من أبرز الإنتاجات البوليودية، وفي مقدمتها فيلم "ماهفاتار ناراسيمها" (Mahavatar Narasimha).

المثير للاهتمام أن هذا النجاح لم يكن متوقعا سواء من صُنّاع السينما أو متابعيها، خاصة أن البطولة أُسندت إلى وجهين جديدين هما أهان باندي وأنيت بادا. غير أن عدة عوامل أسهمت في جذب الجمهور إلى العمل ومنحه هذه الشعبية الواسعة على مستوى العالم.

العودة إلى السينما الرومانسية

ينتمي فيلم "سيارا" (Saiyaara) إلى فئة الرومانسية الحالمة التي تتميز بالبساطة والصدق، وهي النوعية التي غابت عن بوليود قرابة عقدين بعدما طغت عليها أفلام الأكشن والخيال العلمي استجابةً لمتطلبات السوق العالمي. إلا أن المخرج موهيت سوري قرر هذه المرة أن يعيد إحياء هذا اللون السينمائي الذي كان يوما ما جسرا لنجومية العديد من أبرز الممثلين. وقد اعتمد في ذلك على حبكة مبتكرة صاغها سانكالب سادانا في أولى تجاربه، بالتعاون مع كاتب السيناريو روهان شانكار.

تدور أحداث العمل حول مطرب شاب يُدعى كاريش كابور (يجسده أهان باندي)، يرزح تحت ضغوط الشهرة والنجومية، قبل أن يقع في حب فتاة بسيطة تُدعى فاني (أنيت بادا)، تمتلك موهبة مميزة في كتابة الأغاني. غير أن فاني تعاني من مرض نادر يؤثر على ذاكرتها ويجعلها عرضة لنوبات تفقد خلالها السيطرة على نفسها. هذه العلاقة تواجه عاصفة من الانتقادات الإعلامية والجماهيرية التي ترى أنها تهدد مستقبل كاريش الفني، فضلا عن الرفض القاطع من عائلته لهذه القصة العاطفية.

تبلغ الأحداث ذروتها خلال إحدى الحفلات الموسيقية، حين تُفاجأ فاني بنوبة قاسية تدفعها، من دون قصد، إلى طعن كاريش. تصاب بصدمة وذعر، فتقرر الهروب بعيدا خوفا من أن تتسبب له بالأذى مجددا. لكن كاريش، رغم جراحه وألمه، يظل متمسكا بحبها، ويبدأ رحلة بحث طويلة لا يتوقف فيها حتى يعثر عليها. عندها يكتشف الحقيقة المؤلمة: لقد فقدت فاني كل ذكرياتها عنه. ومع ذلك، ينجح بصبره وإصراره في أن يجعلها تعيش قصة حبهما من جديد، لتتوج علاقتهما في النهاية بحفل زفاف ضخم ومؤثر.

إعلان

هذه الحكاية الرومانسية المشحونة بالمشاعر واللمسة الإنسانية تركت أثرًا بالغًا لدى الجمهور، لا سيما جيل "زد" الذي أبدى تفاعلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي. وزاد من قوة تأثير الفيلم موسيقاه، فالأغاني العاطفية التي تخللت الأحداث حققت نسب استماع قياسية عبر المنصات الرقمية حتى قبل العرض الرسمي، لتصبح عنصرًا محوريًا في نجاح الحملة الترويجية للفيلم وانتشاره عالميا.

فيلم "سيارا" (Saiyaara) ينتمي إلى فئة الرومانسية الحالمة التي تتميز بالبساطة والصدق (حساب آي إم دي بي على إنستغرام)

الرهان على ممثلين جدد

رغم أن السينما البوليودية اعتادت خلال السنوات الأخيرة على تكريس حضور النجوم المخضرمين والاعتماد عليهم، مقلّصةً فرص الوجوه الشابة، فإن المخرج موهيت سوري اختار أن يكسر هذه القاعدة ويقدّم للساحة الفنية موهبتين واعدتين.

فقد ظهر أهان باندي، البالغ من العمر 28 عاما، لأول مرة أمام الكاميرا بعد أن خاض تجربة قصيرة خلفها كمساعد مخرج. وجاءت إطلالته مفاجِئة للجمهور بفضل أدائه المميز وحضوره اللافت، رغم بعض الملاحظات على افتعال حركات جسدية في مشاهد محدودة، إلا أن ذلك لم ينتقص من انطباعه القوي كممثل صاعد يملك أدوات واعدة.

أما أنيت بادا، البالغة من العمر 23 عامًا، والتي عُرفت سابقا بأدوار محدودة في الدراما التلفزيونية، فقد استطاعت أن تبهر المتابعين بقدرتها على تجسيد الصراعات النفسية والعاطفية لشخصيتها بصدق وإتقان. وقد حصدت بفضل هذا الأداء إشادة واسعة من النقاد والجمهور على حد سواء، لتثبت أنها مشروع نجمة قادمة بقوة إلى بوليود.

وقد تُوِّج هذا التألق المشترك بفوز الثنائي بجائزة "نجم الانطلاقة" التي يمنحها موقع "آي إم دي بي" (IMDb) للممثلين الذين يحققون شهرة مستحقة في وقت قصير، في اعتراف نقدي وجماهيري بموهبتهما الصاعدة. كما يُحسب لهما التناغم اللافت والكيمياء العالية التي جمعتهما على الشاشة، مما أعاد إلى الأذهان الثنائيات الكلاسيكية الخالدة في السينما الهندية، مثل أميتاب باتشان وريخا.

جميع هذه العناصر أسهمت في نجاح فيلم "سيارا"، الذي يُعد من أفلام التكلفة المتواضعة، إذ لم تتجاوز ميزانيته 6 ملايين دولار. ومع ذلك، تمكن من تحقيق ما عجزت عنه بعض الأفلام الملحمية ذات الإنتاج الضخم، مؤكّدًا أن الشغف، والصدق الفني، والمخاطرة المحسوبة، قادرة على تغيير قواعد اللعبة السينمائية.

0 تعليق