عاجل

سرطانات الأطفال.. ليست كل أخبارها سيئة - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يرتبط السرطان في أذهان الناس بالبالغين وكبار السن، وأكثر القصص التي تروى عنه تتعلق بوفاة الجد أو الجدة أو العم الكبير بـ"ذاك المرض" كما يرمزون له في حديثهم، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن السرطان يمكن أن يصيب الأطفال أيضا، وإن كان بدرجة أقل شيوعا.

ورغم قسوة الفكرة فإن الأخبار ليست كلها سيئة؛ فقد حقق العلم تقدما هائلا في هذا المجال، حتى إن نسب شفاء الأطفال من بعض أنواع السرطان اليوم تصل إلى مستويات أعلى بكثير مما كانت عليه قبل عقود قليلة.

يُعد السرطان أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين الأطفال والمراهقين في جميع أنحاء العالم، مما يشكل أحد أكثر التحديات الصحية إلحاحا وإثارة للقلق. وتشير التقديرات إلى تشخيص حوالي 400 ألف طفل ومراهق (0–19 سنة) بالسرطان كل عام.

وتعتمد نسبة شفاء سرطان الأطفال على البلد الذي يعيش فيه الطفل؛ ففي البلدان ذات الدخل المرتفع أصبحت معدلات الشفاء تتجاوز حاجز الـ80%، بفضل التشخيص الدقيق، والعلاج في الوقت المناسب، والوصول إلى أحدث البروتوكولات العلاجية.

في حين أن المشهد ينقلب رأسا على عقب في العديد من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث بالكاد تصل معدلات الشفاء إلى 30%.

وتعود هذه الفجوة الهائلة بنسب الشفاء إلى أسباب يمكن معالجتها، أهمها: التأخر في التشخيص، وصعوبة الوصول إلى العلاج، ونقص الأدوية الأساسية، والتخلي عن العلاج بسبب التكاليف الباهظة، والوفاة بسبب الآثار الجانبية للعلاج التي يمكن تجنبها.

أطلقت منظمة الصحة العالمية في عام 2018 مبادرة لمكافحة السرطان عند الأطفال بدعم من مستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال في الولايات المتحدة، وتهدف هذه المبادرة إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة لجميع الأطفال المصابين بالسرطان في جميع أنحاء العالم إلى 60% على الأقل بحلول عام 2030.

سرطان الأطفال

لم يصاب الأطفال بالسرطان؟

ترتبط العديد من سرطانات البالغين بعوامل بيئية مثل التدخين أو نمط الحياة، لكن الوضع يختلف عند الأطفال؛ إذ إن الأسباب الدقيقة لمعظم سرطانات الأطفال لا تزال غير مفهومة بشكل كامل.

إعلان

ويبدأ المرض بخلية واحدة يحدث فيها خلل جيني يجعلها تنقسم بصورة غير طبيعية، لتشكّل ورما قد ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم إذا لم يكتشف ويعالج مبكرا.

تُعد بعض العدوى المزمنة، مثل فيروس نقص المناعة البشرية وفيروس إبشتاين بار والملاريا، عوامل خطر للإصابة بسرطان الأطفال، وهي ذات أهمية خاصة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

يمكن أن تزيد بعض أنواع العدوى الأخرى من خطر إصابة الطفل بالسرطان في مرحلة البلوغ، لذلك من المهم التطعيم (ضد التهاب الكبد الوبائي ب للمساعدة في الوقاية من سرطان الكبد، وضد فيروس الورم الحليمي البشري للمساعدة في الوقاية من سرطان عنق الرحم) واتباع أساليب أخرى مثل الكشف المبكر عن العدوى المزمنة التي قد تؤدي إلى السرطان وعلاجها.

تشير البيانات الحالية إلى أن حوالي 10% من جميع الأطفال المصابين بالسرطان لديهم استعداد وراثي للإصابة، ويركز العلماء حاليا على تحسين طرق التشخيص المبكر والعلاج الفعال، وتستمر الأبحاث لاكتشاف الأسباب الخفية وراء هذه الأمراض.

انفوغراف ومن اصل ١٠ أطفال مصابين بالسرطان يعيشيون في البدان المنخفضة والمتوسطة الدخل المصدر منظمة الصحة العالمية سرطان الأطفال

أبرز أنواع سرطانات الأطفال

سرطان الدم (Leukemia)

يمثل سرطان الدم حوالي ثلث حالات السرطان لدى الأطفال وهو أكثر الأنواع انتشارا، وله نوعان رئيسيان: النوع الأكثر شيوعا هو "ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد"، بينما يعتبر "ابيضاض الدم النخاعي الحاد" أقل انتشارا لكنه أكثر شراسة.

وتشمل العلامات التحذيرية لهذه السرطانات شحوب الوجه، ظهور كدمات أو نزيف غير مبرر، التهابات متكررة، تضخم في الغدد الليمفاوية. ويصل معدل الشفاء مع العلاج المناسب إلى أكثر من 85% في الدول ذات الدخل المرتفع.

أورام الدماغ والجهاز العصبي المركزي

تأتي أورام الدماغ والجهاز العصبي في المركز الثاني من حيث الانتشار. من أنواعها الشائعة الورم الأرومي النخاعي والأورام الدبقية.

وتشمل العلامات التحذيرية حدوث صداع متكرر (خاصة في الصباح)، وقيء، ومشاكل في الرؤية أو التوازن.

ويشكل علاجه تحديا لأنه يتطلب توازنا دقيقا بين استئصال الورم، العلاج الإشعاعي والكيميائي مع محاولة تقليل التأثير على نمو الدماغ والقدرات المعرفية.

اللمفوما (Lymphoma)

يصيب هذا النوع الجهاز اللمفاوي وينقسم إلى نوعين رئيسيين: لمفوما هودجكين ولمفوما غير هودجكين.

وتظهر العلامات التحذيرية على شكل تورم غير مؤلم في الرقبة أو تحت الإبط، مصحوبا بحمى مستمرة، وفقدان الوزن، والتعرق الليلي، وتعد نسب شفائه عالية جدا في حال التشخيص المبكر والعلاج الصحيح.

ورم ويلمز (Wilms Tumor)

سرطان نادر نسبيا لكنه من أكثر سرطانات الكلى شيوعا عند الأطفال، غالبا يظهر في الأعمار الصغيرة (3–5 سنوات).

يكتشف الأهل تورم أو كتلة في البطن بالصدفة، وقد يعاني ألما بطنيا، وأحيانا يلاحظ وجود دم في البول، ويصل معدل الشفاء إلى 90% أو أكثر مع العلاج المناسب.

الورم الأرومي العصبي (Neuroblastoma)

ينشأ هذا الورم من الخلايا العصبية غير الناضجة، وغالبا ما يصيب الرضع والأطفال دون الخامسة.

تتمثل العلامات التحذيرية في ألم العظام، وظهور كتلة في البطن، وفقدان الوزن، وفي بعض الحالات بروز العينين، ويشخّص هذا السرطان غالبا في مراحل متقدمة، مما يجعل علاجه أكثر صعوبة.

إعلان

الساركوما (Sarcomas)

يختصر مصطلح الساركوما مجموعة معقدة تتكون من أكثر من 70 نوعا مختلفا من السرطانات التي تنشأ من الأنسجة التي تكوّن أعضاء الجسم، بغض النظر عن موقعها.

وتشكل هذه السرطانات النادرة ما نسبته 1–2% من سرطانات البالغين على مستوى العالم، وتمثل 6–15% من سرطانات الأطفال (أقل من 15 عاما) و11% من سرطانات المراهقين والشباب (من 15 إلى 29 عاما).

أشهر أنواعها ساركوما العظام (Osteosarcoma) وساركوما إيوينغ (Ewing’s Sarcoma)، وتظهر غالبا في مرحلة النمو السريع خلال المراهقة.

قد يشير الألم المستمر في العظام والذي لا يتحسن بالراحة، وحدوث تورم، وفي بعض الأحيان الكسر غير المبرر إلى الإصابة بالساركوما. يعالَج هذا النوع من السرطان في العادة بمزيج من العلاج الكيميائي والجراحة، التي قد تتطلب في بعض الحالات استئصال الجزء المصاب من العظم.

الورم الأرومي الشبكي (Retinoblastoma)

سرطان يصيب شبكية العين لدى الأطفال الصغار، وغالبا ما يكون وراثيا، وقد يشكل ظهور وميض أبيض في بؤبؤ العين في الصور الفوتوغرافية بدلا من الاحمرار المعتاد، أو وجود حول في العين مؤشرا خطرا للإصابة بهذا السرطان. وينقذ الكشف المبكر عن هذا السرطان حياة الطفل وبصره.

سرطان الأطفال

كيف يختلف علاج السرطان عند الأطفال؟

علاج السرطان عند الأطفال يختلف بشكل واضح عن علاج البالغين، سواء من حيث شدة العلاج أو النتائج المتوقعة.

تشير الدراسات إلى أن سرطانات الأطفال عادة ما تكون أكثر استجابة للعلاجات المختلفة مقارنة بسرطانات البالغين، مع وجود بعض الاستثناءات.

ويعود ذلك جزئيا إلى طبيعة السرطانات نفسها، كما أن الأطفال غالبا ما يتلقون برامج علاجية أكثر كثافة، وهم عادة لا يعانون من الأمراض المزمنة التي قد تواجه كبار السن المصابين بالسرطان، والتي قد تزيد من صعوبة العلاج أو تفاقم الآثار الجانبية.

ويعد العلاج الكيميائي حجر الزاوية في علاج سرطانات الأطفال، لأنه غالبا يكون أكثر فعالية ضد الخلايا سريعة النمو، وهي سمة شائعة لمعظم سرطانات الأطفال.

وتتحمل أجسام الأطفال عادة جرعات أعلى من العلاج الكيميائي مقارنة بالبالغين، ما يمنح الأطباء فرصة أكبر لتحقيق الشفاء الكامل، ولكن هذه الجرعات العالية قد تؤدي إلى آثار جانبية قصيرة وطويلة المدى، تشمل ضعف المناعة، تساقط الشعر، مشاكل في الجهاز الهضمي، وأحيانا مضاعفات قلبية أو عصبية مع مرور الوقت.

ويُستخدم العلاج الإشعاعي أيضا، لكن يتم التعامل معه بحذر أكبر عند الأطفال، خصوصا صغار السن، لأنه قد يسبب آثارا جانبية خطيرة على نمو الأنسجة والأعضاء. لذلك يسعى الأطباء دائما لموازنة الحاجة إلى القضاء على السرطان مع تقليل الضرر الجانبي قدر الإمكان.

خطة العلاج

تعتمد خطة العلاج على عدة عوامل، أهمها نوع السرطان، ومدى انتشار المرض، وسرعة نمو الخلايا السرطانية، واحتياجات الطفل وتفضيلات عائلته.

غالبا ما يجمع العلاج بين أكثر من وسيلة لتحقيق أفضل النتائج، على سبيل المثال، قد يتم استخدام العلاج الكيميائي أو الإشعاعي لتقليص الورم قبل الجراحة، أو بعد الجراحة لقتل أي خلايا سرطانية متبقية.

وتلعب الجراحة دورا رئيسيا في إزالة جزء أو كل الورم، أو أخذ خزعة لفحصه، كما يمكن استخدامها لتركيب أجهزة مساعدة مثل أنبوب التغذية لدعم تغذية الطفل أثناء العلاج.

ويستخدم العلاج الإشعاعي أشعة عالية الطاقة لتدمير الخلايا السرطانية سريعة النمو، وغالبا ما يعطى لتقليص الورم قبل أو بعد العلاج الكيميائي أو الجراحة، وهو علاج غير مؤلم، ويشبه إلى حد كبير إجراء الأشعة السينية، لكن عدد الجلسات والآثار الجانبية يعتمد على موقع الورم وكمية الإشعاع المستخدمة.

ويعد العلاج الكيميائي الخيار العلاجي الأكثر استخداما لمكافحة السرطان، حيث تعمل الأدوية المستخدمة فيه على تدمير الخلايا سريعة الانقسام، ويعمل هذا العلاج على استهداف الخلايا السرطانية بشكل أساسي، إلا أنه قد يؤثر أيضا على بعض الخلايا السليمة سريعة النمو في الجسم، مثل خلايا بصيلات الشعر والخلايا المبطنة للفم والجهاز الهضمي، وهذا التأثير الجانبي هو ما يؤدي إلى ظهور الأعراض المصاحبة للعلاج كتساقط الشعر والغثيان.

إعلان

وتوجد علاجات اكثر تطورا مثل العلاج الموجّه، وتصمم أدوية العلاج الموجّه لتستهدف بشكل دقيق المؤشرات الحيوية الفريدة -وهي جينات أو بروتينات محددة- داخل الخلايا السرطانية لكل مريض.

تعمل هذه العلاجات كـ"صواريخ ذكية" تستهدف الخلايا السرطانية فقط، متجنبة إلحاق الضرر بالخلايا السليمة، على عكس العلاج الكيميائي التقليدي الذي يؤثر على جميع الخلايا سريعة النمو في الجسم.

ورغم أن العلاج الموجّه قد يسبب بعض الآثار الجانبية إلا أنها تختلف عادة عن تلك المصاحبة للعلاج الكيميائي، حيث تميل إلى أن تكون أقل حدة وأكثر قابلية للإدارة.

0 تعليق