تحليل رقمي لحملة يمينية ضد المسلمين بألمانيا بعد بيع حجاب للأطفال - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شنت أحزاب وسياسيون يمينيون في ألمانيا حملة شرسة ضد متجر "أوتو" (Otto)، وهو أحد أكبر المتاجر الإلكترونية في البلاد، بعد أن عرض زيا يضم حجابا للأطفال على موقعه.

الحملة، التي تخللتها محاولات مكثفة لتغذية الكراهية ضد المسلمين، استغلت صورا لفتيات يرتدين الحجاب في صور ترويجية للمنتج.

ورغم أن "أوتو" يوفر منصته كسوق للبائعين الخارجيين، وأن بيع هذه الأوشحة قانوني في ألمانيا، إلا أن العروض الترويجية استُغلت كذريعة لتأجيج مشاعر الإسلاموفوبيا في البلاد.

وكشف تحليل دقيق للشبكة الرقمية أجرته "الجزيرة تحقق" على منصة "إكس"، أن الحملة المناهضة للمتجر والحجاب قادتها ثلاث "عقد محورية"، حيث شمل التحليل نحو 1095 حسابا و1256 تفاعلا خلال الفترة من 26 إلى 29 أغسطس/آب الماضي، مما يبرز التنسيق الواضح خلفها."

تحليل شبكي لحملة استهدفت المسلمين في ألمانيا (نود إكسل)
تحليل شبكي لحملة استهدفت المسلمين في ألمانيا (نود إكسل)

عقد التحريض الرئيسية

الناشطة مالكا غولدستاين-وولف كانت المحرك الرئيسي للحملة بعد أن نشرت صورة من المتجر مصحوبة بعبارة "أوتو؟ لا، شكرا!"، مما أثار موجة من التعليقات المسيئة للمسلمين والسخرية منهم.

كما شكلت منصة "نيوس" (NIUS) الإخبارية ذراعا إعلاميا لنشر رواية "تسليع الحجاب وتسييسه"، زاعمة أن الحجاب "يستخدم لتجنيس الأطفال الصغيرات" و"لإخفاء جسد المرأة"، الأمر الذي تفاعلت معه حسابات مناهضة للإسلام وجهت اتهامات للمتجر بالمساهمة باستبدال السكان.

 

الناشطة "إنخي سيلي-زاكارياس" كانت جزء رئيسيا من الحملة، حيث دعت إلى منع بيع هذه المنتجات، قائلة "تستعد شركة أوتو لعملائها المفترضين في المستقبل.. نحن متحدون في تصميمنا على منع ذلك تحديدا".

إعلان

وتفاعلت عشرات الحسابات مع منشور إنخي سيلي، بالدعوة لمقاطعة المتجر حتى يحذف ما وصفوه بـ"القمامة" من على موقعها، زاعمين وجود محاولات لـ"أسلمة ألمانيا" في جوانب الحياة بشكل متزايد.

وأظهر التحليل الشبكي أن الهجوم لم يكن مجرد رد فعل فردي، بل كان ضغطا متزايدا يمزج بين النشطاء اليمينيين والإعلام الحزبي والدوائر السياسية المحافظة، حيث كشف عن أدوار ثانوية لوسائل إعلام كبرى مثل "فيلت" (WELT) و"يورونيوز" (Euronews) التي منحت القضية صدى أوسع.

في الإطار ذاته، استثمرت كيانات يمينية مثل حزب "بوندنيس دويتشلاند" (Bündnis Deutschland) الحملة لتأكيد سردية سياسية أوسع عن "فشل الاندماج" في ألمانيا.

وتوضح بنية التحليل أن الهدف المشترك كان استدعاء رموز "القيم الغربية" لتصوير الحجاب على أنه أداة "قمعية" و"غريبة" عن المجتمع الألماني.

وفي سياق الحملة، هاجم حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) اليميني المتطرف، بيع المتجر لحجاب الأطفال، معتبرا أن القيم والثقافة الألمانية تشهد تراجعا حادا بعد مرور 10 سنوات على شعار "سننجح في ذلك" الذي رفعه حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بقيادة أنغيلا ميركل."

 

 

وأعاد عضو حزب البديل والنائب في برلمان هيسن الإقليمي، غيرهارد شينك، نشر بيان حزبه بأسلوب تهكمي، قائلاً: "لا يحدث أي أسلمة".

كما هاجمت الناشطة النسوية بيرغيت رودر، وهي عضو في أحد أحزاب التحالف اليميني، المتجر، قائلة: "يقدم ‘أوتو’ نفسه كشركة حديثة ومتسامحة وصديقة للمرأة، ومع ذلك يبيع الحجاب للأطفال، الحرية للفتيات تبدو مختلفة تماما، من يريد أن يأخذ المساواة الحقيقية على محمل الجد، لا يمكنه أن يصنف القمع تحت عنوان ‘التنوع'".

من جانبه، اعتبر القيادي في الحزب الديمقراطي الحر (FDP)، جيرالد أولريش، أن العرض الترويجي لحجاب الأطفال "خاطئ"، مضيفًا: "نحن نعيش في مجتمع حر ومنفتح، لا يجب فيه إجبار الأطفال على ارتداء الحجاب".

 رد المتجر

وفي نهاية المطاف، خضعت إدارة متجر "أوتو" للضغوطات وحملات المقاطعة التي تعرضت لها، وأزالت العرض الترويجي لحجاب الأطفال من موقعها الإلكتروني، وأكد متحدث باسم المتجر أن الصور حذفت فور انتشار الخبر.

وفي رده على استفسار ناشطة يمينية، أوضح المتحدث في رسالة إلكترونية أن العرض كان مقدما من "شركاء من التجار الخارجيين"، وأن هؤلاء الشركاء يخضعون لمعايير صارمة تحظر بيع المنتجات غير القانونية، مؤكدا أن "بيع ملابس الصلاة أو الحجاب ليس محظورا في ألمانيا، سواء للأطفال أو للبالغين".

إعلان

ومع ذلك، قررت الشركة تعليق عرض هذه المنتجات مؤقتا لمراجعة كيفية التعامل مستقبلا مع المنتجات ذات الرموز الدينية، خاصة الموجهة للأطفال."

 

ورغم حذف المنتج، لم يكتف حزب "بوندنيس دويتشلاند"، برد المتجر، بل واصل هجومه منتقدا كل ما يقدمه المتجر من سلع تخدم المسلمين، "حسب وصفه".

وفي تدوينة عبر منصة "إكس"، أكد الحزب أن المنتج الخاص بالفتيات قد تم سحبه، إلا أنه انتقد استمرار بيع المنتجات ذات الطابع الإسلامي، مشيرا إلى أن "بعض السلع الدينية تظل متاحة للبيع عبر الموقع، مثل مجموعات سجادات الصلاة التي تتضمن أجزاء من القرآن، بالإضافة إلى حجابات، بعضها مزود بوظيفة النقاب".

واتهم الحزب إدارة "أوتو" بأنها تترك هذه المنتجات على الموقع "لإثارة اهتمام فريق العلاقات العامة"، في إشارة إلى أن الهدف ليس تجاريا بقدر ما هو استفزازي متعمد."

الخلفية القانونية

في الإطار القانوني، يظل ارتداء الأطفال للحجاب مسموحا به في ألمانيا، طالما أنه لا يضر بمصلحة الطفل،  ومع ذلك، يثير الموضوع جدلا واسعًا في الواقع العملي، وتتكرر دعوات من منظمات حقوقية ونسائية لحظره.

وفق أحدث الإحصاءات يبلغ عدد المسلمين في ألمانيا حوالي 5.5 مليون شخص، أي نحو 6.6% من إجمالي السكان البالغ عددهم 83 مليون نسمة، وتشكل النساء ما يقرب من نصف هذا العدد، إذ يقدّر عدد المسلمات بحوالي 2.7 مليون امرأة.

0 تعليق