هل تنجح الإجراءات الجديدة للحكومة السورية في حل أزمة السويداء؟ - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عمار دروبي

Published On 5/9/20255/9/2025

|

آخر تحديث: 21:51 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:51 (توقيت مكة)

دمشق- تُظهر مؤشرات عدة أن الحكومة السورية تتجه لاتخاذ خطوات عملية لحلحلة أزمة محافظة السويداء التي شهدت أحداثاً دامية في يوليو/تموز الماضي، وذلك من خلال سلسلة إجراءات تهدف إلى إعادة الهدوء والاستقرار إلى المنطقة التي تقطنها غالبية درزية.

وبرز إعادة فتح طريق دمشق-السويداء الدولي قبل نحو أسبوع أمام حركة المسافرين والقوافل التجارية كإجراء هام يهدف إلى تلبية احتياجات الأهالي الأساسية بالمحافظة الجنوبية دون انقطاع، وعودة خروج ودخول السكان نحو المحافظات السورية.

كما حمل قرار تعيين وزارة الداخلية العميد حسام الطحان قائداً لقوى الأمن الداخلي في السويداء، بدلاً من العميد أحمد الدالاتي -الذي تم تعيينه قائداً للأمن الداخلي في ريف دمشق– دلالات ورسائل على رغبة الحكومة باحتواء الأزمة.

ويأتي ذلك بعد أن اتهمت شبكات حقوقية محلية ودولية رجال الأمن بارتكاب انتهاكات إبان دخول القوات الحكومية إلى السويداء، واتهام الأمن بمقتل العشرات من الأهالي.

وأخيرا بدأت لجنة تحقيق حكومية عملها في الأحداث التي شهدتها السويداء، من خلال مقابلة الشهود وتسجيل روايات مختلف الأطراف، بهدف الوصول إلى الضالعين في ارتكاب الانتهاكات وأعمال العنف، في أعقاب الصراع المسلح بين فصائل محلية مسلحة ومقاتلي العشائر.

ووفق المتحدث باسم اللجنة المحامي عمار عز الدين، فإن وزارتي الداخلية والدفاع ألقتا القبض على المشتبه بهم وتحفظت عليهم تمهيداً للتحقيق معهم، حيث تولت مسؤولية التحقيق في الواقعة للوصول إلى ملابساتها والتفاصيل المتعلقة بها.

1 - سوريا - السويداء - أعادت الحكومة السورية فتح طريق دمشق- السويداء في إطار إنهاء الأزمة الإنسانية (رويترز)
الحكومة السورية أعادت فتح طريق دمشق-السويداء في إطار إنهاء الأزمة الإنسانية (رويترز)

تغليب المصلحة الوطنية

يعتقد مراقبون للشأن المحلي -وتحديداً الجنوب السوري- أن الحكومة تسعى بكل طاقتها لتقديم حلول ناجعة لأزمة السويداء التي استدعت تدخل أطراف إقليمية، من بينها الاحتلال الإسرائيلي الذي قصف العاصمة دمشق، في خطوة غير مسبوقة.

إعلان

وأكد الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان أن الحكومة قدمت مبادرات عديدة لمعالجة أزمة السويداء، بدءاً بالاعتراف بالأخطاء التي وقعت أثناء التدخل العسكري، وفتح باب تقصي الحقائق والتحقيق في الانتهاكات، وسحب القوات العسكرية والأمنية، وإدخال المساعدات بالتعاون مع وزراء الحكومة، وصولاً إلى السعي للحل السياسي والتفاوض.

وأوضح علوان -في حديث للجزيرة نت- أن معظم الجهات الفاعلة في السويداء رفضت الحلول التفاوضية، مستغلة التدخل العسكري الإسرائيلي، والدعم الإقليمي والدولي للحكومة، مما أدى إلى تصعيد الموقف.

وأشار علوان إلى أن الحكومة مستمرة في تقديم المبادرات، بغية تغليب المصلحة الوطنية، من خلال تشكيل لجنة حيادية للتحقيق في الانتهاكات، تعتمد على أعضاء مستقلين من المجتمع المدني لهم تواصل مع السكان المحليين في السويداء، بهدف كشف مرتكبي الانتهاكات بشفافية.

ورأى أن مطالب الانفصال في السويداء محدودة وتعتمد على التدخل الخارجي، وأن النجاح في مبادرات الوساطة بين دمشق وإسرائيل ودعم العودة إلى الهدنة سيسهم في حل أزمة السويداء.

وبحسب الباحث علوان، فإن الجهات المطالبة بالانفصال في السويداء قد تستجيب للضغوط عند فقدان الدعم الخارجي المحرض على الانفصال.

فقدان الثقة

يقول الكاتب والباحث السوري جمال الشوفي، المنحدر من السويداء، إن فتح طريق دمشق-السويداء ضمن خطة إعادة الإصلاح، التي طرحتها الحكومة تحت ضغط دولي، يهدف إلى دمج السويداء تدريجياً مع الدولة، وتقديم المساعدات والخدمات للأهالي، وتشكيل لجنة تحقيق، كما جرى خلال اللقاءات الدولية برعاية أميركية في عمان وفرنسا، بغض النظر عن رأي السكان المحليين.

وأضاف الشوفي -في حديث للجزيرة نت- أن استبدال قائد الأمن الداخلي إجراء شكلي غير كافٍ قبل انتهاء لجان التحقيق، مع ضرورة وجود آليات تعامل فعّالة، مشيراً إلى أن الأحداث الدامية التي شهدتها السويداء تجعل المسؤولية على السلطات السورية كبيرة، وفق تقرير منظمة العفو الدولية.

وأشار إلى أن اللجنة الحكومية للتحقيق أعلنت القبض على من ظهرت صورهم في ارتكاب أعمال خارجة عن القانون، بينما لا يزال أهالي السويداء يطالبون بلجنة تحقيق دولية، مما يعكس عدم الثقة باللجنة الحكومية.

ورأى الشوفي أن مسار الحل يجب أن يبدأ باعتراف مباشر من قبل السلطة في دمشق بالخطأ في اللجوء إلى الحل الأمني والعسكري في معالجة قضايا كان يمكن التعامل معها سياسياً، حتى لو استغرق ذلك وقتاً أطول، خصوصاً في ظل المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا.

قافلة مساعدات إنسانية من الهلال الأحمر السوري تتجه إلى محافظة السويداء (الهلال الأحمر السوري)
قافلة مساعدات إنسانية من الهلال الأحمر السوري تتجه لمحافظة السويداء (الهلال الأحمر السوري)

وأكد أن الانتهاكات واقتحام القرى شكلا صدمة نفسية كبيرة لأهالي السويداء، مما ساهم في شعورهم بعدم إمكانية التعامل مع السلطة في دمشق، لافتاً إلى أن طروحات الانفصال وتقرير المصير تعكس الواقع الألم والصدمة التي أصابت السكان، ولا ترتقي إلى مستوى الإمكانيات السياسية محلياً أو دولياً.

وبدوره، أشار مدير شبكة "السويداء 24" المحلية الصحفي ريان معروف إلى أن الأوضاع المعيشية والأمنية والسياسية لم تتغير في المحافظة، منذ دخول وقف إطلاق نار حيز التنفيذ في يوليو/تموز الماضي.

إعلان

وقال معروف -في حديث للجزيرة نت- إن الحكومة كانت طرفاً رئيسيا في الأحداث الدامية التي شهدتها السويداء "وبالتالي فإن الثقة معدومة لدى المجتمع المحلي من الدروز بعمل لجنة شكلتها الحكومة".

ويصف توجه الدروز نحو المطالبة بحق تقرير المصير بأنه "خيار وجداني" ناجم عن شعورهم بالخطر الوجودي قبل أن يكون سياسياً أو اقتصادياً، معتبراً أن هذا الخيار نتيجة شعور تراكمي منذ سقوط نظام الأسد بالظلم والتهميش.

0 تعليق