محمد صلاح
Published On 6/9/20256/9/2025
|آخر تحديث: 19:19 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:19 (توقيت مكة)
ما يزال التنمر مشكلة منتشرة في المدارس، تؤثر على سلامة ورفاهية التلاميذ في جميع أنحاء العالم؛ لما يمكن أن يكون لهذا السلوك من عواقب مدمرة على الطفل، إذ أظهرت أبحاث نُشرت في مطلع عام 2024، أنه يمكن أن يؤدي إلى "انخفاض الأداء التعليمي، وارتفاع مخاطر الاكتئاب والقلق، وصولا إلى السلوك الانتحاري".
لذا، "يُعدّ منع التنمر والحد منه أولوية ملحة لكل من الأسرة والمدرسة"؛ كما تقول الدكتورة كارين هيلي، الباحثة الفخرية الرئيسية في علم النفس، بجامعة كوينزلاند الأسترالية، في مقالها على موقع "ذا كونفرزيشن".
لكن إحدى العقبات الشائعة أمام معالجة التنمر هي أن "20% فقط من حوادث التنمر في المدارس يتم الإبلاغ عنها، وفقا لموقع "ستوب بوليينغ" الحكومي الأميركي.
بالإضافة إلى "اختلاف الآباء والمدارس في كثير من الأحيان، حول ما إذا كان موقف معين يُشكّل تنمرا من عدمه"؛ إذ وجدت دراسة نرويجية نُشرت عام 2021، أنه عندما يعتقد الآباء أن طفلهم يتعرض للتنمر، فإن المدرسة "لا توافق في حوالي ثلثي الحالات"؛ كذلك عندما تقول المدرسة إن طفلا ما يتنمر على الآخرين، فإن والديّ الطفل "لا يوافقان". فكيف يمكن للآباء التعامل مع هذا الوضع؟

شروط وقوع التنمر
وفقا للعناصر الرئيسية التي حددتها الأبحاث الدولية المعتمدة من وزارة التعليم الأميركية، فإن التنمر هو شكل من أشكال العدوان الذي تتوفر فيه 4 شروط، هي أنه:
يؤذي الضحية. يتكرر مع مرور الوقت. ينطوي على نية الإيذاء. يتسم باختلال في توازن القوى، لدرجة تُشعر الضحية بالعجز عن إيقاف المشكلة.علامات تعرض الطفل للتنمر
وفقا لموقع "ستوب بوليينغ" الحكومي الأميركي، هذه أهم العلامات على تعرض الطفل للتنمر:
إصابات جسدية غير قابلة للتفسير. فقدان أو تلف الملابس أو الكتب أو الأجهزة الإلكترونية. تكرار الشكوى من المرض، أو التمارض. عودة الأطفال من المدرسة جائعين لعدم تناولهم الغداء. صعوبة النوم أو الكوابيس المتكررة. انخفاض الدرجات، أو إهمال الواجبات المدرسية، أو عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة. تكرار الفقدان المفاجئ للأصدقاء، أو تجنب المواقف الاجتماعية. وجود علامات على الشعور بالعجز أو انخفاض تقدير الذات.
علامات تورط الطفل في التنمر على الآخرين
من أهم العلامات على تنمر الطفل على الآخرين:
إعلان
زيادة عدوانيته ودخوله في شجارات جسدية أو لفظية. لديه أصدقاء يتنمرون على الآخرين. تكرار إرساله إلى مكتب مدير المدرسة بشكل متكرر. امتلاكه أموال أو أشياء جديدة غير مبررة. عدم تحمل مسؤولية أفعالهم، ولوم الآخرين على مشاكله.التحديات المترتبة على الإبلاغ عن التنمر
عندما يُبلغ طالب أو ولي أمر عن تنمر، عادة ما يكون أول ما تفعله المدرسة هو التحدث مع الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور، "لتحديد ما إذا كان السلوك تنمرا"؛ وهنا تظهر 7 تحديات:
صعوبة مشاهدة التنمر بشكل مباشر، إذ يحدث غالبا في غياب البالغين، كما أن معظم الضحايا يمتنعون عن إخبار معلميهم. أشكال التنمر الخفية، فحتى في وجود المعلم، يمكن أن تكون بعض أشكال التنمر (مثل نبذ شخص ما، أو استخدام تعبير وجه ساخر) خفية للغاية، لدرجة تساعد على التغاضي عنها بسهولة. صعوبة إثبات "نية الإيذاء"، وخصوصا عند ادعاء المتهم بالتنمر أنه كان "يمزح فقط"، أو لم يقصد الإيذاء أو الإزعاج. صعوبة إثبات "الاختلال في توازن القوى"، فقد لا يكون فارق القوة واضحا بين الطرفين. الاتهام الكيدي بالتنمر، فهناك حالات قد يتهم فيها التلميذ الآخرين بالتنمر عمدا، لإيقاعهم في مشاكل؛ "وهو ما قد يشكل بحد ذاته تنمرا". مشاهدة المعلمين لنوبة الغضب، فالتحدي الأكثر صعوبة عندما يرد ضحية التنمر على الإيذاء بعدوانية، ويكون رد فعله العدواني أكثر وضوحا للمعلمين من التنمر الذي أثار غضبه، وهذا قد يجعل تحديد مصدر التنمر صعبا. ليس كل شجار تنمرا، فالجدال والمشادات الكلامية وحتى السلوك العدواني العابر، لا تُصنف تنمرا؛ ما دام لم يتوفر فيها شرط "الاختلال في توازن القوة". وإن كان هذا لا ينفي أنها نماذج لسلوكيات مزعجة.
ماذا تفعل الأسرة إذا لم تعترف المدرسة بحدوث تنمر؟
وجدت دراسة أجريت في سنغافورة عام 2021، أن "حوالي 70% من أولياء الأمور أفادوا بتعرض أطفالهم للتنمر". لكن المدرسة قد لا تلتفت للحالات التي لا تعتبرها تنمرا، وهذا قد يجعل الطالب مستمرا في المعاناة، ويسبب حزنا شديدا للوالدين.
وتُظهر الدراسة النرويجية المنشورة عام 2021، أن أولياء الأمور الذين يُبلغون بتعرض طفلهم للتنمر، "يصبحون عرضة لزيادة خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب، بغض النظر عما إذا كانت المدرسة وافقت على تعرض الطفل للتنمر أم لا".
وهنا تنصح الدكتورة هيلي بـ4 إستراتيجيات مفيدة للآباء لتحسين الوضع، وهي:
الاحتفاظ بسجل دقيق لتجارب الطفل، يدون به ما يمر به بالضبط وكيف يؤثر عليه؛ للمساعدة في تحديد نمط السلوكيات المؤذية له بمرور الوقت، ومن ثم تحديد مخاوف التنمر ومعالجتها فورا. التواصل بين الأسرة والمدرسة أمر بالغ الأهمية، لذا توصي هيلي بحفاظ الآباء على علاقة جيدة وانفتاح مستمر مع المدرسة (مهما كانت الصعوبة)، لأن التنمر قد يكون مشكلة معقدة، والتواصل الجيد يمكن أن يساعد في ضمان التعامل مع المشكلات بسرعة. مساعدة الأبوين للطفل، بمحاولة التواصل مع الطلاب الآخرين، وإقناعهم بطريقة ودية وواثقة، بالتوقف عن فعل ما يضايق الطفل. تدريب الأبوين للطفل على التواصل المنفتح مع الأطفال، وإدارة الموقف في حال التعرض لمشكلة، وطلب المساعدة من المعلم.إعلان
تقول هيلي: "وهكذا، بالتعاون وفهم المشكلة بشكل أفضل مع مرور الوقت، يمكن للمدرسة والأسرة معالجة السلوك المؤذي"؛ سواء اتفقوا مبدئيا على أنه "تنمر" أم لا.
0 تعليق