تفتتح إثيوبيا، اليوم الثلاثاء، رسمياً سد النهضة، أكبر مشروع كهرومائي في أفريقيا، في خطوة تمثل مصدر فخر وطني لأديس أبابا. ويأتي هذا الافتتاح وسط استمرار الخلاف الحاد مع دولتي المصب، مصر والسودان، اللتين تعتبران المشروع تهديداً لأمنهما المائي، وفي ظل فشل جولات المفاوضات المتعاقبة في التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد.
مشروع قومي ضخم ومصدر فخر إثيوبي
يُعد "سد النهضة الإثيوبي الكبير"، الذي بدأ العمل به في أبريل 2011 بتكلفة بلغت 4 مليارات دولار، أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في القارة الأفريقية، حيث يهدف إلى توليد نحو 6 آلاف ميغاواط من الكهرباء. ويبلغ عرض السد 1.8 كيلومتر وارتفاعه 145 متراً، بسعة تخزين تصل إلى 74 مليار متر مكعب من المياه.
ويمثل السد مصدر اعتزاز وإجماع نادر في إثيوبيا التي تشهد نزاعات داخلية متعددة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسي غربي قوله إن "في إثيوبيا مسألتين فقط موضع توافق: الوصول إلى البحر والسد".
مخاوف "وجودية" في مصر والسودان
في المقابل، تنظر دولتا المصب بقلق بالغ إلى المشروع. وتعتبره مصر، التي تعتمد على نهر النيل لتلبية 97% من احتياجاتها المائية، "تهديداً وجودياً". وتواجه مصر بالفعل عجزاً مائياً كبيراً، حيث تبلغ احتياجاتها السنوية حوالي 114 مليار متر مكعب، بينما تقدر مواردها المائية بنحو 56.6 مليار متر مكعب فقط.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد حذر في أغسطس الماضي من أن "من يعتقد أن مصر ستغض الطرف عن تهديد أمنها المائي فهو مخطئ".
كما أعرب السودان أيضاً عن قلقه، وشارك مصر في موقف مشترك في يونيو/حزيران الماضي أكد على "رفض الإجراءات الأحادية في حوض النيل الأزرق".
مسار تفاوضي مسدود ورسائل متبادلة
على مدى السنوات الماضية، فشلت جميع محاولات الوساطة الدولية التي قادتها الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي وجهات أخرى في التوصل إلى اتفاق ثلاثي.
وتصر إثيوبيا على أن السد يمثل "فرصة مشتركة" للمنطقة وليس تهديداً. وقال رئيس الوزراء آبي أحمد إن "الطاقة والتنمية اللتين سيولدهما لن ترتقيا بإثيوبيا وحدها". من جانبه، صرح مستشار وزير المياه والطاقة الإثيوبي للجزيرة بأن بلاده تسعى عبر التفاوض الجاد لتهدئة مخاوف دول الجوار.
ورغم التوتر، يرى خبراء أن التعايش السلمي ممكن، حيث نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الباحث أبيل أبات ديميسي من "تشاتام هاوس" قوله إن "النيل يكفي لجميع الدول... إن تمت إدارته بصورة صحيحة".
0 تعليق