عين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الثلاثاء، وزير القوات المسلحة الموالي له سيباستيان لوكورنو رئيسًا للوزراء، وذلك بعد سقوط حكومة فرنسوا بايرو بيوم واحد.
وبذلك يصبح لوكورنو سابع رئيس للوزراء في عهد ماكرون، والخامس منذ بدء ولايته الثانية في 2022، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الخامسة التي تأسست عام 1958 وعُرفت سابقًا باستقرارها النسبي.
وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون كلف لوكورنو بدايةً بالتشاور مع الأحزاب بهدف الوصول إلى "الاتفاقات اللازمة للقرارات المقبلة"، تمهيدًا لتشكيل حكومة جديدة.
تعيين لوكورنو
وشكر لوكورنو ماكرون على ثقته، موجهًا تحية لبايرو "لشجاعته في الدفاع عن قناعاته حتى النهاية".
وقال لوكورنو: "كلّفني رئيس الجمهورية بتشكيل حكومة ذات توجه واضح، تقوم على الدفاع عن استقلالنا وقوتنا، وخدمة الشعب الفرنسي، وتحقيق الاستقرار السياسي والمؤسساتي للحفاظ على وحدة البلاد".
ويبلغ لوكورنو 39 عامًا، وهو عضو في الحكومة منذ 2017، وتدرج في المناصب حتى تسلم حقيبة الدفاع في مرحلة حساسة مع اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، ويُعتبر من المقربين لماكرون.
وكان الرئيس ماكرون قد رغب سابقًا في تعيينه رئيسًا للوزراء في ديسمبر، لكنه تراجع عن ذلك آنذاك.
وبعد الإقرار بهزيمة معسكره في الانتخابات التشريعية المبكرة صيف 2024، وتعيين ميشال بارنييه ثم فرنسوا بايرو كرؤساء للوزراء، قرر ماكرون منح ثقته لشخص من معسكره.
وعلّقت مارين لوبن، زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، على القرار عبر منشور على "إكس"، معتبرة أن ماكرون "يُطلق الرصاصة الأخيرة لمعسكره المحصور بمجموعة صغيرة من الأوفياء".
أما جان-لوك ميلانشون، زعيم اليسار الراديكالي (حزب فرنسا الأبية)، فقد وصف الوضع بـ"الملهاة الحزينة" وطالب برحيل ماكرون مجددًا.
التحدي الذي يواجه الرئيس الفرنسي مستمر منذ أكثر من عام، وهو إيجاد شخصية تستطيع الصمود أمام جمعية وطنية مشتتة أكثر من أي وقت مضى.
في قصر الإليزيه، يُعتقد أن الائتلاف الهش الذي شكّل قبل عام بين معسكر ماكرون واليمين هو العامل الثابت، وقد دعا ماكرون قادة حزبه إلى "التعاون مع الاشتراكيين" بهدف "توسيع القاعدة".
لكن ماكرون رفض تعيين أوليفييه فور، زعيم الحزب الاشتراكي، رئيسًا للوزراء رغم اقتراح تشكيل "حكومة يسارية" تهدف إلى تحقيق "تسويات".
الاقتصاد الفرنسي
لكي تستمر الحكومة المقبلة، عليها أن تنال على الأقل عدم ممانعة الحزب الاشتراكي، وهو أمر ضروري للموافقة على ميزانية 2026 التي تضم اقتطاعات بقيمة 44 مليار يورو، والتي كانت السبب في سقوط حكومة بايرو.
في الوقت ذاته، تجاوزت تكلفة الاقتراض في فرنسا مستوياتها في إيطاليا، التي لطالما صنّف أداؤها المالي من الأضعف في أوروبا، مما يعكس مخاوف المستثمرين بشأن المالية العامة والاستقرار السياسي الفرنسي.
وصل عائد سندات فرنسا لأجل 10 سنوات إلى 3.48% مقارنة بـ3.47% للإيطالية، لكن النسبة عادت للتراجع إلى 3.41% في بورصة باريس مع ارتفاع مؤشر كاك 40 بنسبة 0.2%.
وتستعد فرنسا الجمعة لمواجهة أول اختبار على صعيد الدين، حيث ستصدر وكالة فيتش تقييمها الجديد للدين الفرنسي.
التصنيف الحالي لفرنسا هو AA سلبي مع توقعات سلبية، وقد يؤدي تخفيض التصنيف إلى مطالبة المستثمرين بعوائد أعلى للاحتفاظ بسندات الحكومة.
هذا الصيف، انطلق حراك جديد على مواقع التواصل تحت شعار "لنشلّ كل شيء"، بدعم من بعض النقابات واليسار الراديكالي، يدعو لشلّ البلاد اعتبارًا من الأربعاء، وسط أجواء من انعدام الثقة تجاه ماكرون الذي سجلت شعبيته أدنى مستوياتها منذ توليه الحكم عام 2017، حيث أظهر استطلاع حديث أن نحو 77% من الفرنسيين غير راضين عنه.
وأعلنت وزارة الداخلية أن نحو 80 ألف من قوات الشرطة والأمن سيتم نشرهم الأربعاء في مختلف أنحاء البلاد، حيث ستقام مئات الفعاليات والاحتجاجات.
كما توقعت المديرية العامة للطيران المدني اضطرابات وتأخيرات في "جميع المطارات الفرنسية".
وعلى الرغم من تشابه هذه التعبئة مع حركة "السترات الصفراء" بين 2018 و2019، لا تزال تداعياتها غير واضحة.
في ذات السياق، دعت النقابات العمالية إلى إضراب وتظاهرات في 18 سبتمبر/أيلول المقبل.
0 تعليق