الأساطير أصبحت حقيقة.. ما سر "الموجات المارقة" التي ابتلعت العديد من السفن؟ - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

Published On 10/9/202510/9/2025

|

آخر تحديث: 09:31 (توقيت مكة)آخر تحديث: 09:31 (توقيت مكة)

منذ قرون، تناقل البحّارة قصصا عن أمواج عملاقة تظهر فجأة في عرض البحر، ترتفع كجدار مائي يحجب الأفق وتبتلع السفن في لحظات. غير أن هذه الروايات ظلت طويلا في خانة الأساطير البحرية، إذ اعتبرها العلماء ضربا من المبالغة أو الخيال، لغياب الدليل العلمي المباشر.

وفي عام 1826، دوّن البحّار والعالم الفرنسي جول دومون دورفيل شهادته مع 3 من رفاقه عن موجة بلغ ارتفاعها نحو 33 مترا في المحيط الهندي. لكن هذه الرواية قوبلت بالسخرية من زميله العالم فرانسوا أراغو، لأن الاعتقاد السائد آنذاك أن أي موجة لا يمكن أن تتجاوز 9 أمتار.

وجاء التحوّل الحاسم في الأول من يناير/كانون الثاني 1995، حين سجّلت أجهزة قياس على منصة نفطية في بحر الشمال ما عُرف لاحقا بـ"موجة دراوبنر"، التي بلغ ارتفاعها نحو 26 مترا وسط بحر لم يكن هائجا بشدة.

Container ships are moored at Tanger Med Port, on the Strait of Gibraltar, east of Tangier, Morocco June 6, 2024. REUTERS/Abdelhak Balhaki
هذه الموجات تمثل تهديدا لكل أنواع السفن (رويترز)

تفسير الموجات المارقة

كان هذا أوّل توثيق علمي مباشر لموجة غوغائية، وأصبح الدليل القاطع الذي أنهى قرنين من الجدل، مؤكّدا أن تلك الأمواج العملاقة ليست أسطورة بحّارة، بل حقيقة فيزيائية خطيرة تستحق البحث والفهم.

وسادت لفترة طويلة نظرية تعرف بالاضطراب التعديلي، وهي عملية تؤدي فيها تغيرات طفيفة في التوقيت والتباعد بين الموجات إلى تركيز الطاقة في موجة واحدة. فبدلا من أن تبقى موزعة بالتساوي، يتغير نمط الموجة، مما يؤدي إلى نمو موجة واحدة فجأة بشكل كبير عن غيرها.

لكن هذا التفسير يعمل فقط ضمن أنظمة محصورة، مثل التجارب المعملية، حيث تتدفق الطاقة في اتجاه واحد فقط، أما في المحيط المفتوح، فتنتشر الطاقة في جهات متعددة، مما يفقد النظرية صلاحيتها.

وبحسب دراسة نشرت في دورية "ساينتفك ريبورتس"، قادها الدكتور فرانشيسكو فيديلي من معهد جورجيا للتكنولوجيا، قام الفريق بتحليل 27 ألفا و500 رصد للأمواج جمعت على مدى 18 عاما في بحر الشمال، وكانت هذه المجموعة البيانات الأكثر شمولا من نوعها، سجل كل رصد 30 دقيقة من نشاط الأمواج بالتفصيل، من الارتفاع إلى التردد والاتجاه.

foamy waves rolling up in ocean المصدر: أدوبي ستوك
هذه الموجات تنشأ من تراكب خطي (أدوبي ستوك)

تراكب خطّي

باعتماد تلك البيانات الدقيقة، لم تدلل النتائج على نظرية الاضطراب التعديلي، بل أشارت إلى أن الموجات المارقة تنشأ من تراكب خطي بسيط.

إعلان

بمعنى أوضح، عندما تتلاقى موجتان أو أكثر في التوقيت والمكان المناسبين، يمكن للطاقة أن تتجمع في موجة واحدة عملاقة، كأن الأمواج الصغيرة "تتحدّ" مؤقتا لتعطي ذلك الجدار المائي المهيب.

تنهي الدراسة عقودا من الجدل حول أن هذه الموجات ظواهر غامضة أو نادرة للغاية، وتثبت أنها نتيجة قوانين فيزيائية بسيطة وليست قوة غامضة غير مفهومة.

بما أن الموجات المارقة تنشأ من محاذاة مؤقتة بين أمواج متعددة، فهذا يفتح الباب أمام تطوير نماذج تنبؤ جديدة تعتمد على تحليل بيانات الأمواج لحظة بلحظة. وهذا يقلّل من عنصر المفاجأة، ويوفر وقتا ثمينا للسفن والمنشآت البحرية.

0 تعليق