القصف في الدوحة إثبات للفشل الإسرائيلي - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

Published On 11/9/202511/9/2025

|

آخر تحديث: 21:00 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:00 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

شارِكْ

لم تهز صواريخ المقاتلات التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي العاصمة القطرية فحسب عندما استهدفت الوفد المفاوض لحركة حماس، وهو يتدارس مقترحا قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل عدة أيام، بل هزت هذه الصواريخ التي فشلت في اغتيال مفاوضي حماس، أركان العديد من القضايا التي ترتبط بالاحتلال الإسرائيلي وحلفائه.

ضربة لجهود الوساطة ولمقترح وقف إطلاق النار

بشكل عام عندما تستهدف دولة ما وفدا تفاوضيا وتنتهك سيادة دولة لديها جهود متميزة ونجاحات في عملية الوساطة في صراع جارٍ، وفي أكثر من نزاع سابقا، فهذه حالة غير مسبوقة في تاريخ الصراعات في العالم، كما أنه إن ثبت تواطؤ واشنطن في دعم هذه الجريمة الإسرائيلية، فهي سابقة جديدة في دعم دولة تقدم نفسها كوسيط للوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، لدولة أخرى في استهداف وسيط آخر.

ومن زاوية أخرى يتضح بشكل جلي انهيار كل السرديات الأميركية والإسرائيلية التي كانت تضلل الرأي العام بالادعاء أن المقاومة الفلسطينية، وحركة حماس هي من تعطل الوصول لوقف إطلاق النار؛ إذ إن عملية قصف الوفد المفاوض بهذا الشكل الفج، لا يمكن أن تكون إلا حصيلة جهد استخباري، وقد تم إعداد خطتها منذ وقت طويل، وهذا يؤكد النية المبيّتة لعرقلة أي مسار يوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ضربة لمكانة الولايات المتحدة وعلاقاتها بحلفائها

بالرغم من المراوغة الخطابية للولايات المتحدة، وحالة التنصل غير المقنعة من جريمة دولة الاحتلال الإسرائيلي باستهداف الوفد المفاوض لحركة حماس في الدوحة، وانتهاك سيادة دولة قطر، فإن أي تحليل سليم لا يمكن أن يستبعد وجود تنسيق حول هذه العملية وتوقيتها، بل لا يمكن فهم حصول هذا الفعل بدون ضوء أخضر من الإدارة الأميركية.

ووفقا للاستنتاج السابق، فإن الحديث هنا ليس عن استهداف في إيران، أو لبنان، أو سوريا بل استهداف قطر التي تمتلك جملة من الخصائص تميزها عن غيرها، فهي حليف رئيسي للولايات المتحدة، من خارج حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وقطر هي الدولة التي تستضيف إحدى كبرى القواعد الأميركية.

إعلان

كما أن قطر من الدول الرائدة في ملف الوساطة وحل النزاعات، ولها دور مشهود في النجاح على هذا المستوى.

وقطر، كذلك الحال، هي جزء من منطقة الخليج التي تمتلك علاقات خاصة وإستراتيجية مع الولايات المتحدة، ولهذا فإن افتراض أن الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب أعطت ضوءا أخضرَ لرئيس الوزراء الإسرائيلي بقصف عاصمة دولة حليفة لها بكل هذه المزايا، يعد ذلك سابقة خطيرة تجعل كل حلفاء الولايات المتحدة يعيدون حساباتهم تجاه العلاقة والتعهدات والضمانات، والالتزامات الأمنية والعسكرية وغيرها، خاصة إذا كانت هذه الدول قد تتعارض مصالحها مع مصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي في أي لحظة.

وعلى افتراض أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي قامت بالإضرار بالولايات المتحدة ومكانتها وصورتها وعلاقاتها، وهو ما قاله ترامب بأن القصف في الدوحة ليس من مصلحة واشنطن، لذا إذا أرادت الولايات المتحدة تجنب الآثار السلبية لهذا الفعل، فعليها النأي بنفسها عن هذا العمل الإجرامي ليس بالأساليب الخطابية المراوغة، أو التبريرات الواهية، بل بسلوك حقيقي يجبر دولة الاحتلال الإسرائيلي على إنهاء حرب الإبادة الجماعية، وليس أقل من ذلك.

ضربة للقناعات الإقليمية والصمت العربي

قصفت دولة الاحتلال الإسرائيلي في أقل من أسبوع عدة عواصم عربية من صنعاء إلى بيروت إلى دمشق، وصولا إلى الدوحة وليس انتهاء بسفن المتضامنين الأجانب في الشواطئ التونسية، وهي تقدم نفسها بذلك دولة عابثة بالأمن في المنطقة العربية، ومزعزعة للاستقرار، وتكرس نفسها كدولة مارقة.

وأمام هذه الحقائق المصحوبة بأصوات الانفجارات وألسنة النيران والأدخنة السوداء في العواصم العربية والتي تنتشي معها رؤوس زعماء اليمين الصهيوني، وحتى المعارضة الإسرائيلية، لا يمكن فهم واستيعاب وجود قناعة من أطراف عربية بمستقبل التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

فالتطبيع ليس سوى وسيلة إسرائيلية لتمرير مشاريعها للسيطرة على المنطقة، ولا تضع إسرائيل في الأولوية سوى مصالحها، وهي على استعداد لاختراق كل الخطوط الحمر بدون أي تردد، وعليه فإن الدول المطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتراجع عن هذا المسار، والتفكير بشكل جدي بعواقب هذا المسار الهش الذي يأخذها نحو تدهور أمني ومخاطر بالغة.

لقد قدمت إنذارات كثيرة خلال السنوات الماضية، ولكن القصف الأخير في الدوحة يشكل إنذارا أكبر وأوضح، ويفتح فرصة لتصحيح القناعات، فالتطبيع الحقيقي هو الذي يدعم القضية الفلسطينية وعدالتها، وهذا لا يمكن أن يجتمع مع أي علاقة يمكن أن يستفيد منها الاحتلال الإسرائيلي.

إن الصمت العربي على ما جرى في الدوحة من استهداف سيعني القبول باستهداف عواصم عربية أخرى في الوقت الذي تحدده دولة الاحتلال الإسرائيلي، وليس المقصود بالصمت الامتناع عن إدانة هذا السلوك بل الصمت عن اتخاذ كل الخطوات العملية اللازمة للضغط على دولة الاحتلال، وإرغامها على التراجع عن هذا الإجرام والتوحّش.

ضربة لمصير الأسرى الإسرائيليين

عندما تقوم دولة الاحتلال الإسرائيلي بمحاولة اغتيال فريق تفاوضي يتدارس مقترحا لإخراج أسرى إسرائيليين من الأسر وتسليمهم إلى عائلاتهم، فهي لا تقصف الوفد المفاوض لحركة حماس فحسب، بل تقصف مع ذلك مصير الأسرى الإسرائيليين، وتوجه رسالة لا لبس فيها لعائلات هؤلاء الأسرى، بأنها غير مهتمة بهم، ولذلك من المتوقع أن يكون هناك حراك أكبر خلال الأسبوع الجاري من عائلات الأسرى الإسرائيليين ضد الحكومة الإسرائيلية.

إعلان

ضربة لمشروع التغطية على الفشل بالإنجازات

تنتهج دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول أمام فشلها في تحقيق أهدافها سبلا متعددة للتغطية على هذا الفشل من خلال الذهاب نحو استعراض القوة في جغرافيات مختلفة، ولو كان ذلك يضر بمصالح إسرائيل الإستراتيجية، وذلك لأن إسرائيل فقدت قدرتها على الردع، وخاصة أمام فاعل من غير الدول هو حماس، حيث ما زالت المقاومة تنفذ عمليات نوعية ضد قوات الجيش الإسرائيلي بعد مرور أكثر من 700 يوم من حرب الإبادة، ولم تنكسر إرادتها بالرغم من كل أدوات البطش التي استخدمتها دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وأمام كل محاولة للتغطية على فشلها تدخل دولة الاحتلال الإسرائيلي في فشل أكبر منه وتتعمق في مستنقعه، وكان القصف في الدوحة وقصف السفن في سواحل تونس، آخر محطات هذا الفشل، والذي يوسع دائرة الفشل الإسرائيلي.

إن محاولات تعويض الهزائم والانتكاسات والتغطية على الانقسامات الداخلية والضغط الناشئ من الانتقادات الدولية المتزايدة بتكتيكات تكرس الفشل يحمل مخاطر إستراتيجية، ومع ذلك يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي مصرّ على هذا الاتجاه، وهو ما يحث كافة الدول على العمل بشكل موحد لإيقاف هذا الجنون الممزوج بالتوحش والعربدة، والذي يؤكد بطائراته وصواريخه وعقليته أنه لا يعرف حدودا ولا خطوطا حمراء.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

0 تعليق