صنعاء- لأول مرة، بدت بعض المشاهد في صنعاء وكأنها شبيهة نسبيا لما يحدث في قطاع غزة؛ منازل مدمرة ومدنيون تحت الأنقاض، وصور مأساوية تحكي واقعا صعبا عاشه اليمنيون خلال الساعات الماضية جراء العدوان الإسرائيلي.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد شن، أمس الأربعاء، سلسلة غارات على أماكن جديدة تم استهدافها للمرة الأولى في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة جماعة أنصار الله اليمنية "الحوثيين" منذ 2014، وفي محافظة الجوف شمالي البلاد.
وقال المتحدث العسكري لأنصار الله، يحيى سريع -في بيان مقتضب تابعته الجزيرة نت- إن غارات العدوان الإسرائيلي طالت أعيانا مدنية بحتة في صنعاء، منها صحيفتا "26 سبتمبر" و"اليمن"، معلنا سقوط شهداء وجرحى من الصحفيين والصحفيات ومن المواطنين المارة.
وأضاف أن "دفاعاتنا الجوية أطلقت عددا من صواريخ أرض جو أثناء التصدي للعدوان الصهيوني على بلدنا، وتم إجبار بعض التشكيلات القتالية على المغادرة قبل تنفيذ عدوانها وإفشال الجزء الأكبر من الهجوم".
"هجمات دموية"
وفي المقابل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن قواته قصفت في صنعاء وأماكن أخرى باليمن، بينها معسكرات ووحدة الإعلام الحوثية، وأضاف "لقد وعدنا بتنفيذ ضربات إضافية واليوم وجَّهنا ضربة موجعة لتنظيم الحوثيين".
وتعد هذه الغارات من أكثر هجمات إسرائيل دموية منذ بدء عدوانها العسكري على اليمن في يوليو/تموز 2024، وللمرة الأولى يسقط ضحايا من الصحفيين اليمنيين.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة أنصار الله -في بيان لها- مقتل وإصابة 166 شخصا جراء الغارات الإسرائيلية، مبينة أن حصيلة الضحايا وصلت لـ28 قتيلا و113 مصابا بصنعاء، في حين قتل 7 مواطنين وأصيب 18 في مدينة الحزم بمحافظة الجوف.
وأوضحت الوزارة أن فرق الدفاع المدني تواصل العمل لرفع الأنقاض والبحث عن ضحايا في الأحياء والأعيان المستهدفة.
إعلان
فيما أعلن مكتب وزارة الصحة في الجوف، اليوم الخميس، "انتشال جثمان شخص من بين الركام ليرتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي في المحافظة إلى 8″، وبالتالي ارتفاع عدد القتلى والجرحى إلى 167 شخصا في الجوف وصنعاء.
وحول الضحايا الإعلاميين، أعلن مصدر مقرب من أنصار الله للجزيرة نت مقتل الصحفيين عباس الديلمي وعبد العزيز الشيخ ويوسف شمس الدين وعبد الله مهدي البحري وعبد الله الحرازي بفعل القصف على صحيفة 26 سبتمبر، إضافة لعدد من الفنيين.
وفي السياق، أفاد المصدر بأنه تم، اليوم الخميس، إنقاذ طفل من بين أنقاض منزل دمَّرته إسرائيل قبل 15 ساعة من موعد العثور عليه في صنعاء.
مراكز ثقل
وحسب مصادر مطلعة تحدثت للجزيرة نت، فقد استهدف العدوان الإسرائيلي مقر إدارة التوجيه المعنوي التابعة لوزارة الدفاع بصنعاء، التي تحوي صحيفة "26 سبتمبر" الناطقة باسم الوزارة في الحكومة غير المعترف بها دوليا، إضافة لدائرة التوجيه المعنوي وسط صنعاء، والتي يديرها المتحدث العسكري لأنصار الله يحيى سريع.
وطال القصف الإسرائيلي -حسب المصادر- عدة منازل مجاورة لدائرة التوجيه المعنوي، وأحدث عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، فضلا عن دمار هائل وحالة هلع كبيرة، واستهدف أيضا محطة وقود مخصصة للقطاع الصحي في شارع 60 جنوب غرب صنعاء.
وألحقت غارات إسرائيل الجديدة دمارا هائلا بالمتحف الوطني قرب ميدان التحرير وسط صنعاء، والذي يعد من أهم المواقع التراثية في اليمن.
وقالت الهيئة العامة للآثار والمتاحف التابعة للحوثيين -في بيان- إن الغارات الصهيونية أحدثت أضرارا جسيمة في المتحف الوطني، ما يهدد المقتنيات الأثرية الثمينة التي يحتضنها. وأوضحت أن المتحف يعد من أبرز رموز الهوية الوطنية اليمنية، ويحوي آلاف القطع الأثرية التي تمثل جزءا من التراث الإنساني المشترك.
ووجهت الهيئة نداء استغاثة عاجلا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، طالبت فيه "بحماية المواقع التاريخية والحضارية في اليمن من الاعتداءات الصهيونية وغاراتها الغادرة".
وبعد أن انحصرت الغارات الإسرائيلية على العاصمة صنعاء، ومحافظة الحُديدة المطلة على البحر الأحمر غرب اليمن، وسّعت تل أبيب من بنك أهدافها وصولا إلى محافظة الجوف المرتبطة بحدود برية مع السعودية.
وحسب مصادر إعلامية تابعة لأنصار الله، طال القصف الإسرائيلي المجمع الحكومي في مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف، والذي يحوي مقر السلطة المحلية بالمحافظة، فضلا عن فرع البنك المركزي ومبنى الأحوال المدنية ومحطة كهرباء تعمل بالطاقة الشمسية ومبان سكنية، وتم استهداف المجمع، أمس، للمرة الأولى، وفق رصد الجزيرة نت.
تصعيد ووعيد
وعقب هذه التطورات، يبدو أن مسار المواجهات بين أنصار الله وإسرائيل يتجه نحو التصعيد، وسط وعيد متبادل.
وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى لأنصار الله مهدي المشاط، مساء الأربعاء، إن "هذا العدوان الصهيوني سيعطينا فرصة أكبر للرد عليه بكل ما أوتينا من قوة". مضيفا -في بيان- أن "العدوان الصهيوني الغاشم على بلدنا فاشل، وعلى جميع الصهاينة البقاء في حالة استعداد فالرد آت لا محالة".
إعلان
كما توعد المتحدث العسكري لأنصار الله، يحيى سريع، في بيان مقتضب، قائلا: "هذا العدوان الغاشم لن يمر دون رد وعقاب".
وفي المقابل، أشار بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي إلى تصميم تل أبيب على "الاستمرار بضرب أي تهديد لمواطني إسرائيل مهما كان بعيدا".
وفجر اليوم الخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي، اعتراض صاروخ باليستي أُطلق من اليمن، فيما قد يبدو ردا من جماعة أنصار الله التي لم تعلق على الفور بشأن ذلك.
0 تعليق