نتنياهو يعلن الحرب على العالم - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
8969ab63-2219-4a10-bf08-80f8cc1b9983.png

بيلين فرنانديز

كاتبة وصحفية أميركية ومؤلفة كتاب "المنفى: رفض أميركا واكتشاف العالم".

Published On 12/9/202512/9/2025

|

آخر تحديث: 18:08 (توقيت مكة)آخر تحديث: 18:08 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

شارِكْ

ها هي إسرائيل تضرب مجددا.

في يوم الثلاثاء الماضي، شن المعتدي الأبدي المفضل في الشرق الأوسط صواريخ على العاصمة القطرية، الدوحة، مستهدفا قادة من حركة حماس كانوا منخرطين في مفاوضات حول مقترح أميركي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين نتيجة الإبادة الجماعية الإسرائيلية الرسمية حاجز الـ64 ألفا خلال أقل من عامين.

وإن كانت إسرائيل قد أظهرت مرارا عدم رغبتها في أي تهدئة -حتى تلك المقترحة من القوة العظمى العالمية الراعية الأوفى لجرائمها- فذلك لأن كيانها ذاته قائم على محو الفلسطينيين، والعيش في حالة من العدوان الدائم.

لكن، بينما اعتبر ذوو الفطرة السليمة إسرائيل منذ زمن بعيد دولة مارقة، فإن الهجوم غير المسبوق على قطر قد أيقظ أعينًا في المجتمع الدولي على مدى انفلات الحكومة الإسرائيلية من كل ضابط.

فعلى سبيل المثال، تمكنت قوى كبرى مثل بريطانيا، وفرنسا، والهند -رغم مشاركتها بدرجات متفاوتة في التواطؤ مع الإبادة في غزة وسواها من جرائم الجيش الإسرائيلي في المنطقة- من إصدار إدانة غير معهودة بعد ضربة الدوحة.

وهذا لا يعني، بالطبع، أن استهداف قادة حماس في بلد يستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط، هو أمر أشد فظاعة أخلاقيا من قتل عشرات آلاف الفلسطينيين في غزة، أكثرهم من النساء والأطفال.

إنما هو إقرار بأن حتى أشد المدافعين عن تهور إسرائيل الإجرامي قد وضعوا خطا أحمر جديدا: لا يحق لإسرائيل قصف من تشاء، وأينما تشاء وفق أهوائها.

وقد جاء رد البيت الأبيض، على لسان المتحدثة كارولين ليفيت، بالإعلان أن "قصف قطر بشكل أحادي- وهي دولة ذات سيادة وحليف مقرب للولايات المتحدة تبذل جهودا شجاعة للمساعدة في إحلال السلام- لا يخدم مصالح إسرائيل ولا أميركا".

لكن، قبل أن نعزو لموقف البيت الأبيض أي منطق أو اتساق، أضافت ليفيت: "لكن القضاء على حماس، التي استفادت من معاناة سكان غزة، هو هدف يستحق السعي إليه".

إعلان

أما الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فقد طمأن القطريين وفق تعبير ليفيت، بأن "أمرا كهذا لن يتكرر على أراضيهم".

ومع ذلك، يحق لقطر أن تشعر بأن "الطمأنة" ليست سوى سراب، إذ بات من الواضح أن ترامب قد تخلّى فعليا عن السيطرة على ما تقوم به إسرائيل في أراضي الآخرين أو لا تقوم به.

وقد أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، هذا الواقع عندما نشر على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء ما يلي: "ذراع إسرائيل الطويلة ستلاحق أعداءها أينما كانوا. لا مكان يمكنهم الاختباء فيه".

أما رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فقد هدّد قطر صراحة، قائلا: "أقول لقطر وكل الدول التي تؤوي إرهابيين: إما أن تطردوهم، أو تحاسبوهم… فإن لم تفعلوا، فنحن من سيفعل".

وكما هي العادة، فإن الكيان الذي يحتكر اليوم الإرهاب الإقليمي، بعد ما يقارب الثمانية عقود من التطهير العرقي الإسرائيلي والتهجير والمجازر بحق الفلسطينيين، لا يجد حرجا في تحديد من يُعتبر "إرهابيا"، ثم شن الهجمات عليه وفق هواه.

وبالنظر إلى التعريف الإسرائيلي الكاذب والمخادع لمفهوم "الإرهاب"، فإن الخطر لا يحدق بقطر وحدها. فبحسب نتنياهو نفسه، فإن "كل الدول التي تؤوي إرهابيين" مشمولة في قائمة من يمكن أن تنالهم "عدالة" إسرائيل، والتي تعني، في الغالب، جرائم حرب وانتهاكات فجة للقانون الدولي.

وقد ذكرت قناة الجزيرة، يوم الأربعاء، أن إسرائيل نفّذت عمليات عسكرية في ست دول خلال 72 ساعة فقط. فإلى جانب فلسطين وقطر، شملت الضربات الأراضي اللبنانية، والسورية، والتونسية، واليمنية، حيث قتلت إسرائيل 35 شخصا في اليمن بعد يوم واحد فقط من قصف الدوحة.

وبهذا، فإن أحدا لا يستطيع الجزم بمن سيكون في مأمن من "ذراع إسرائيل الطويلة" مستقبلا، لكن قائمة الآمنين تبدو ضئيلة جدا. فمنذ عقود، أثبت جهاز الموساد الإسرائيلي استعداده الكامل لاغتيال الفلسطينيين حتى على الأراضي الأوروبية.

واليوم، في ظل الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة، فإن كل "إرهابي"- حسب تصنيف إسرائيل- يمكن رصده في الخارج، هو مكسب لإسرائيل؛ لتبرير جرائمها، وتشتيت الانتباه عنها.

وإذ تغرق إسرائيل في نشوتها بالحصانة المطلقة التي تحظى بها، وبقدرتها على إحداث الدمار أينما شاءت، فإن إعلان نتنياهو غير المباشر للحرب على العالم بأسره يجب أن يكون، في أقل تقدير، جرس إنذار أخير لأولئك الذين لا يزالون مخدوعين بسراب "العدالة الإسرائيلية" القاتلة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

0 تعليق