مراسلو الجزيرة نت
فتح الرحمن شبارقة
Published On 12/9/202512/9/2025
|آخر تحديث: 23:45 (توقيت مكة)آخر تحديث: 23:45 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2شارِكْ
الخرطوم- لم يستبعد محللون وخبراء إستراتيجيون وعسكريون تحدثوا للجزيرة نت أن يُشكّل التقدّم الذي أحرزه الجيش السوداني والقوات المساندة له -أمس- ببسط سيطرته على مدينة بارا، نقطة تحوّل جوهرية في مسار الحرب في السودان التي اندلعت في 15 أبريل/نيسان 2023.
وقال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد الدكتور جمال الشهيد للجزيرة نت، إن تحرير مدينة بارا يُعدّ محطة مفصلية في مسار العمليات العسكرية الجارية حاليًا في البلاد، ويكتسب أهمية كبيرة على المستويين الميداني والإستراتيجي "لأنه يعني قطع خطوط إمداد مليشيا الدعم السريع، وإضعاف قدرتها على التحرك وإعادة التموضع، مما يقلل من فعالية هجماتها المستقبلية".
وعزا خبراء أهمية تحرير بارا، الذي قوبل بتفاعل شعبي لافت، إلى تأثيره المباشر في تأمين مدينة الأبيض وفتح الطريق الحيوي الذي يربط غرب السودان بالخرطوم وشرق وشمال ووسط البلاد، مما يمهّد لكسر الحصار الذي تستخدمه قوات الدعم السريع كسلاح لتجويع وقتل المدنيين في الفاشر.
وتمكّن الجيش السوداني والقوات المساندة له من استعادة مدينة بارا، بعد سلسلة من العمليات العسكرية الناجحة طوال الأسبوع الماضي في محور شمال كردفان، حيث حرّر العديد من المدن والقرى مثل كازقيل، وأم سيالة، والرياش، وزريبة الشيخ البرعي.
وتقع مدينة بارا جغرافيًا في نقطة التقاء حاكمة ومهمة بين ولايات متعددة، وتمثل نقطة الربط لطريق الصادرات الحيوي الذي يربط غرب السودان بوسطه وشرقه وشماله، وتبعد نحو 40 كيلومترا عن مدينة الأبيض، حاضرة ولاية شمال كردفان، وكانت حتى يوم أمس أقرب منطقة تسيطر عليها قوات الدعم السريع من العاصمة الخرطوم.
استعادة السيطرة
قال العميد الشهيد إن تحرير مدينة بارا يعني استعادة السيطرة على نقاط حيوية، إذ تقع المدينة على محاور تربط بين مناطق النزاع والمراكز اللوجستية للجيش والمليشيات، ويؤثر ذلك على موازين القوى على الأرض، حيث أتاح هذا التقدّم للجيش السيطرة على مناطق كانت تُستخدم كقواعد انطلاق للهجمات في العمق، بما في ذلك المدن الكبرى والمراكز اللوجستية.
إعلان
وجزم أن انتصار الجيش في بارا يعزّز التفوق الميداني، ويرسّخ قدرة الجيش على التخطيط والتنفيذ بسرعة وفعالية، كما يعزّز الروح المعنوية للقوات، ويبعث برسالة واضحة إلى المليشيا المتمردة بأن أي محاولة للتمدد أو التمرد ستُواجه بقوة وإرادة حازمة.
ونوّه في حديثه للجزيرة نت إلى أن هذا الانتصار يعزّز قدرة الجيش على تأمين خطوط الحياة الحيوية، بما في ذلك الطرق والمرافق الأساسية، ويحدّ من قدرة المليشيات على تهديد المدنيين أو البنية التحتية.
وقال إن "انتصار الجيش في بارا ليس مجرد مكسب ميداني، بل يحمل دلالات سياسية وعسكرية ووطنية تؤكد أن الجيش الشرعي هو الضامن لوحدة واستقرار السودان، ويُظهر أن أي مشروع فوضى أو تمرد مسلح لا يمكن أن يفرض نفسه على أرض الواقع، طالما أن الجيش الشرعي متماسك".
وأشار إلى أن الدرس التكتيكي المستفاد من عملية تحرير بارا يتمثل في فعالية التنسيق بين المعلومات الاستخباراتية والاستطلاع الميداني، ودقة التخطيط في اختيار توقيت الهجوم وطرق التفوق على "مليشيا آل دقلو الإرهابية" حسب قوله، وهي تجربة يرى أنها تصلح كمرجع لتخطيط عمليات مستقبلية على محاور مشابهة، بما يحافظ على المبادرة الإستراتيجية للجيش السوداني.
علامة فارقة
قال وزير الثقافة والإعلام السوداني خالد الأعيسر، إن تحرير مدينة بارا بولاية شمال كردفان يمثل علامة فارقة في مسيرة استعادة مدن وقرى كردفان ودارفور من سطوة المليشيات.
وأكد الأعيسر، الذي وُلد في مدينة بارا المرتبطة في الذاكرة برموزها وإسهاماتها الوطنية والاقتصادية والفنية، أن النصر الذي تحقق ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو امتداد لتاريخ طويل من الصمود والجسارة والتضحيات، مشيرا إلى أن للمدينة تضحيات ضاربة في عمق التاريخ، حيث انطلقت منها شرارة النضال القديم للرعيل الأول من الآباء.
وأضاف في تدوينة على صفحته في موقع "فيسبوك" أن "الجنجويد والمتمردين، عندما دخلوا بارا، لم يدركوا حتى لحظة هروبهم أن رجالها السابقين قد أحرقوا علم المستعمر قبل عقود، كما أحرق أبطال القوات المسلحة السودانية وكل القوات المساندة الأخرى أحلام المتمردين بالأمس، فعبروا الحدود مثقلين بأوهامهم الزائفة".
وأفاد أن استعادة مدينة بارا أسكتت الأصوات التي تجرأت في الفترة الماضية على التشكيك في صدق المسيرة الوطنية، وزعمت أن العمليات العسكرية ستتوقف عند حدود ولاية الخرطوم بعد تحريرها، وسيتم تجاهل تحرير ما تبقى من أرض الوطن في كردفان ودارفور.
المعركة الأهم
قال المحلل السياسي المهتم بتطورات الأوضاع في ولايات كردفان بابكر يحيى، للجزيرة نت، إن تحرير منطقة بارا "ليس حدثا عابرا، بل يعني التأمين الكامل لولاية الخرطوم والولاية الشمالية، وكسر عظم المليشيا في كردفان ككل، وخطوة متقدمة لفك حصار الفاشر وتحرير دارفور من قبضة مليشيا آل دقلو".
إعلان
وأفاد بأن لمنطقة بارا رمزية كبيرة لأبعادها القومية والإستراتيجية والجغرافية والاجتماعية والتاريخية، "حيث تتكئ على رصيد ثري يتحدث عن بطولات وتضحيات شكّلت ملامح الوطن"، حيث يرى أن معركة بارا أكبر وأهم من معركة القصر الجمهوري من حيث البعد الإستراتيجي للأمن القومي.
وأشار عدد من المحللين العسكريين الذين تحدثوا للجزيرة نت إلى أن سيطرة الجيش على بارا ترقى في أهميتها إلى سيطرته السابقة على منطقة جبل موية، التي فتحت الطريق أمام تقدمه واستعادة سيطرته على ولايات سنار والجزيرة والخرطوم والنيل الأبيض، بعد انهيار قوات الدعم السريع، نظرا لوجود المنطقتين في طرق إستراتيجية مهمة.
0 تعليق