تبرز أهمية توثيق المواقف والتصريحات التي تكشف عن النوايا السياسية. فبينما يبرر رئيس وزراء كيان الاحتلال، بنيامين نتنياهو، دعواته الحالية لتهجير سكان غزة بأنها رد فعل على هجوم السابع من أكتوبر، تُظهر العودة إلى أرشيف تصريحاته، وتحديداً خلال عدوان عام 2014، أن الدعوة لـ "مغادرة" غزة هي سياسة قديمة ومتجذرة في عقيدته، وأنه يستغل السابع من أكتوبر لتنفيذ مخطط تهجير قديم ويضلل العالم ؟
تصريحات سبتمبر 2025: "غادروا الآن.. هذا مجرد تمهيد"
في تصريحات حديثة ومصورة بتاريخ 8 سبتمبر 2025، وجّه نتنياهو رسالة واضحة لسكان مدينة غزة، معلناً عن تدمير 50 برجاً سكنياً خلال يومين، واصفاً ذلك بأنه "مجرد تمهيد والمرحلة الافتتاحية لعملية أكبر وأكثر كثافة". ثم خاطب السكان مباشرة بالقول: "لقد تم تحذيركم، غادروا الآن!". وتأتي هذه الدعوة في سياق أوامر إخلاء متكررة يفرضها جيش الاحتلال على مناطق شمال القطاع.
بالعودة إلى عدوان 2014: الدعوة ذاتها.. والسياق مختلف
هذه اللهجة ليست جديدة على نتنياهو. ففي 20 يوليو 2014، وخلال عدوان "الجرف الصامد" على قطاع غزة، وقبل سنوات طويلة من هجوم السابع من أكتوبر، وجه نتنياهو دعوة مشابهة تماماً. ففي تصريح صحفي آنذاك، طالب سكان غزة بـ "مغادرة" أي مكان تنطلق منه عمليات للمقاومة، مؤكداً أن "كل هذه الأماكن هي هدف لنا".
وطلب في مقابلته السابقة مع الـ "بي بي سي"، من اهل غزة الانصياع لاوامر جيش الاحتلال والرحيل لكي لا يتعرضون للموت، زاعما ان حركة حماس لا تكترث لامرهم وانها تريدهم امواتا.
إن التشابه الصارخ بين دعوة "المغادرة" عام 2014 ودعوة "غادروا الآن" عام 2025 يكشف أن مطالبة السكان بالرحيل والتهجير القسري هي استراتيجية ثابتة لدى نتنياهو، وليست مجرد إجراء طارئ مرتبط بأحداث 7 أكتوبر.
التحليل: 7 أكتوبر استغلال لتنفيذ مخطط قديم؟
ويرى محللون ومراقبون أن مقارنة التصريحين تكشف حقيقة النوايا المبيتة لدى قيادة الاحتلال. ففي عام 2014، لم يكن هناك هجوم بحجم السابع من أكتوبر ليستخدم كذريعة، ومع ذلك كانت الدعوة للتهجير قائمة.
وهذا يؤكد أن ما يجري اليوم ليس مجرد "حرب على حماس"، بل هو استغلال لأحداث 7 أكتوبر كغطاء لتنفيذ مشروع أيديولوجي قديم يهدف إلى إفراغ قطاع غزة من سكانه وتهجيرهم.
إن هذه السياسة الممنهجة لكيان الاحتلال ، التي تمتد على مدى عقود من الزمان، تثبت أن هدف التهجير جزء لا يتجزأ من عقيدة نتنياهو وحكوماته المتعاقبة، وهو ما جعل قيادة الاحتلال تنتظر أي ذريعة لتنفيذ مخططها النهائي بحق قطاع غزة وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
0 تعليق