كييف - أ ف ب: توقفت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا بشكل نهائي، صباح أمس، بعد انتهاء مدة عقد مبرم بين كييف وموسكو نهاية العام 2019، ما ينبئ بنهاية عصر الغاز الروسي الرخيص في أوروبا، ويثير قلق بلدان عديدة في شرق القارة
وقال وزير الطاقة الأوكراني غيرمان غالوشتشينكو في بيان، "أوقفنا عبور الغاز الروسي، إنه حدث تاريخي. روسيا تخسر أسواقا، وستتكبد خسائر مالية".
ولم يُقرر تسليم أي شحنات، أمس، بحسب بيانات نشرتها شركة "غتسو" الأوكرانية تماشيا مع انتهاء عقد مدته خمس سنوات وقعته شركة "نافتوغاز" الأوكرانية والمجموعة الروسية العملاقة "غازبروم".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، "عندما تولى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين السلطة في روسيا قبل 25 عاما، كان يُضخ أكثر من 130 مليار متر مكعب من الغاز سنويا إلى أوروبا عبر أوكرانيا. اليوم، باتت هذه الكمية صفرا. يعد ذلك من بين أكبر الهزائم التي منيت بها موسكو".
وفي العام 2019، أشاد زيلينسكي لدى التوقيع باتفاق يضمن "أمن الطاقة" و"الازدهار للأوكرانيين"، لكن الظروف تغيّرت جذريا مع الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط 2022 الذي خلف مئات آلاف القتلى والجرحى من مدنيين وعسكريين.
وتشن روسيا هجمات متكررة على البنى التحتية للطاقة في أوكرانيا، ما يؤدي إلى إغراق ملايين السكان في الظلام في خضم الشتاء البارد وحرمانهم من استخدام وسائل التدفئة.
من جهتها، قالت شركة الطاقة الروسية العملاقة "غازبروم" في بيان، "منذ الساعة الثامنة صباحا (05:00 ت غ) لم يتم تسليم الغاز الروسي للمرور عبر أوكرانيا".
وأشارت "غازبروم" إلى أنه "بسبب الرفض المتكرر والصريح من الجانب الأوكراني لتمديد هذا الاتفاق، حُرمت شركة غازبروم من الإمكانية الفنية والقانونية لتسليم الغاز لمروره عبر أوكرانيا اعتبارا من الأول من كانون الثاني".
وبلغت صادرات الغاز الروسي اليومية إلى أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة نحو 40 مليون متر مكعب.
وفي العام 2023، ضخ 14.65 مليار متر مكعب من الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خطوط أنابيب أوكرانية، بحسب أرقام رسمية.
وفي هذا السياق المتوتر، وصل سعر الغاز الأوروبي إلى العتبة الرمزية البالغة 50 يورو لكل ميغاوات ساعة أول من أمس، للمرة الأولى منذ أكثر من عام.
وتراجع اعتماد أوروبا على الغاز الروسي بشكل كبير منذ بداية الحرب في أوكرانيا، إلا أن الدول الواقعة في الشرق ما زالت تتلقى إمدادات كبيرة من موسكو.
وأوضح وزير الطاقة الأوكراني أن "أوكرانيا أبلغت شركاءها الدوليين" بالإغلاق المخطط له منذ أشهر.
وفي الأسابيع الأخيرة، ندّدت سلوفاكيا والمجر اللتان تعتمدان بشكل كبير على الغاز الروسي، بتداعيات هذه الخطوة التي من شأنها قطع الغاز تماما عنهما في نهاية العام، مع عدم وجود حلول بديلة فورية ذات موثوقية.
وحذر رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، أمس، من العواقب الوخيمة التي ستترتب على وقف عبور الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
ونبّه في مقطع فيديو نشر على فيسبوك من أن "وقف إمدادات الغاز عبر أوكرانيا سيكون له تأثير جذري علينا جميعا في الاتحاد الأوروبي، وليس فقط على الاتحاد الروسي".
وزار فيكو وهو من القادة الأوروبيين القلائل الذين حافظوا على علاقة ودية مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، موسكو في 22 كانون الأول لمحاولة إيجاد حل عاجل.
وأثارت هذه الرحلة غير المعلنة غضب فولوديمير زيلينسكي الذي اتهم فيكو بالرغبة في "مساعدة" بوتين.
وحذر الناطق باسم شركة الغاز السلوفاكية "اس بي بي"، أوندري سيبيستا، في حديث لوكالة فرانس برس من أن "التنويع له ثمن وأي بديل للغاز الروسي سيكون أكثر تكلفة بكثير".
من جهتها، تتسلم المجر معظم وارداتها من الغاز الروسي عبر خط أنابيب "تورك ستريم" في البحر الأسود، ولن تتأثر بوقف الإمدادات عبر أوكرانيا إلا بشكل هامشي، رغم قول رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، إنه "لا يريد التخلي" عن هذا الطريق.
أما بولندا الحليفة المقربة من كييف، فرحبت على لسان وزير خارجيتها رادوسلاف سيكورسكي "بانتصار جديد" على موسكو.
ومع توقف مسار عبور الغاز عبر أوكرانيا، وبعد مرور أكثر من عامين على التخريب الذي طال خطوط أنابيب "نورد ستريم" في بحر البلطيق، لن يتم تزويد أوروبا الآن بالغاز الروسي إلا عبر خط أنابيب "تورك ستريم" وامتداده "بلقان ستريم" تحت البحر الأسود.
كما تستورد أوروبا الغاز الطبيعي المسال من روسيا بواسطة ناقلات الغاز الطبيعي المسال.
وفي حين يؤكد الاتحاد الأوروبي أنه مستعد لتوقف إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا، تعاني مولدافيا من وضع حرج.
وأعلنت شركة غازبروم وقف إمدادات الغاز إلى مولدافيا حتى قبل إعلان كييف رسميا نهاية العقد المبرم مع موسكو، وذلك بسبب خلاف بشأن ديون مع هذه الدولة، إحدى الجمهوريات السوفياتية السابقة والتي أعادت انتخاب رئيسة مؤيدة لأوروبا أخيرا.
وفي علامة على القلق المتزايد، أعلنت كيشيناو حالة الطوارئ بعد فشل المفاوضات مع الشركة الروسية.
ولفت المتحدث باسم الحكومة المولدافية دانييل فودا إلى أن منطقة ترانسدنيستريا الانفصالية الموالية لروسيا تمر "بوضع صعب" بعدما أوقف المورد المحلي تيراسبول ترانس غاز "إمدادات الغاز الطبيعي والتدفئة"، داعيا روسيا إلى "وقف ابتزازها".
ودعت شركة للطاقة في بيان السكان إلى "ارتداء ملابس تحمي من البرد" و"التجمع معا في غرفة واحدة" وعدم استخدام وسائل تدفئة منزلية الصنع لتفادي خطر نشوب حرائق.
وهذا الوضع لا يطال سائر أنحاء مولدافيا حاليا لا سيما بفضل المساعدة المقدمة من رومانيا المجاورة.
وتوقفت مولدافيا عن تسلم الغاز الروسي منذ بداية الحرب في أوكرانيا، ولكنها تلبي جزءا كبيرا من احتياجاتها من الكهرباء معتمدة على محطة ترانسدنيستريا للطاقة الحرارية.
انتهاء عصر الغاز الروسي الرخيص في أوروبا مع إيقاف مروره عبر أوكرانيا - زاجل الإخباري

انتهاء عصر الغاز الروسي الرخيص في أوروبا مع إيقاف مروره عبر أوكرانيا - زاجل الإخباري
0 تعليق