هذا موقف واضح للجنة الوزارية، وبالطبع هو موقف بقية دول العالم التي تقف مع العدالة والحقوق والمساواة تحت المظلة الأممية التي يجب أن تكون مستقلة في قرارتها، وغير خاضعة لهيمنة طرف يملي عليها ما هو ضد نظامها الأساسي. ولكن هل بالإمكان أن تتراجع الإدارة الأمريكية عن هذا القرار التعسفي أم أنها ستعيد نفس المأزق المحرج الذي وقعت فيه عام 1988 عندما رفضت إعطاء تأشيرة دخول لياسر عرفات، لكن الجمعية العامة قررت الانتقال إلى جنيف بتصويت أغلبية كبيرة، وتمكّن عرفات من إلقاء خطابه وتوضيح الموقف الفلسطيني.
لا يبدو أن إدارة الرئيس ترمب لديها المرونة لإعادة التفكير والنظر في قرارها المجحف الذي يأتي في وقت حرج جداً، يبحث فيه العقلاء عن حلول عملية تنفيذية للسلام في فلسطين، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية وتبنّي حل الدولتين. أمريكا بقرارها هذا تضع عقبة أمام المبادرة التي تبنّتها المملكة وفرنسا وحشدت من أجلها جهوداً دبلوماسية دولية كثيفة، بل إنها تضع عقبة أمام المجتمع الدولي الذي يسعى لإنقاذ الوضع الكارثي في غزة وبقية الأراضي المحتلة. كما أن القرار يصطدم مع الرأي العام العالمي الذي بدأ يتفهم ويتعاطف مع المأساة الفلسطينية، ويشكّل قوة ضغط على الحكومات، إضافة الى أنه يتعارض مع اتفاقية المقر للأمم المتحدة، وبذلك فإن الإدارة الأمريكية الراهنة تناقض أي ادعاء لها بأنها راعية للسلام ومنع الحروب.
والمقلق أكثر ما تسرّب خلال اليومين الماضيين من خطة أمريكية لغزة تفرض وصايتها عليها لسنوات، مع تفريغ ممنهج لسكانها وضمانات لإسرائيل بحماية أمنها بالطريقة التي تقررها. هنا الأمر أخطر كثيراً مما سبق، وفيه دفع بالأمور إلى مسارات غير مسبوقة في المنطقة. وبالتالي هل يمكن التحشيد لنقل اجتماع الجمعية العامة من أجل حل الدولتين خارج نيويورك كما حدث سابقاً من أجل تحقيق العدالة والمساواة، أم ستفاجئنا الإدارة الأمريكية بتعديل موقفها؟
أخبار ذات صلة
0 تعليق