Published On 9/9/20259/9/2025
|آخر تحديث: 21:09 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:09 (توقيت مكة)
عمّان- أثار الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قادة من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في العاصمة القطرية الدوحة صدمة سياسية واسعة داخل المنطقة، وخصوصا في الأردن.
وصدرت من الأردن مواقف حادة من شخصيات رسمية وسياسية وعسكرية وبرلمانية اعتبرت أن ما جرى يشكل "جريمة غير مسبوقة" تتجاوز قواعد الاشتباك التقليدية، ويمثل تهديدا مباشرا لسيادة دولة عربية شقيقة، ووسيط رئيسي في مسار المفاوضات.
ورأى مراقبون أردنيون أن الهجوم الإسرائيلي أظهر انتقال الحرب في قطاع غزة إلى مرحلة إقليمية مفتوحة تهدد أمن وسيادة الدول العربية، وفي مقدمتها قطر، وأن العملية العسكرية -التي وصفت بمحاولة اغتيال فاشلة- ليست مجرد استهداف لقيادات فلسطينية، بل حملت رسائل سياسية واضحة، أبرزها إضعاف دور قطر في الوساطة.
"أمن قطر من أمن الأردن"
أُولى المواقف الأردنية صدرت عن العاهل الأردني عبدالله الثاني، الذي أكد خلال اتصال هاتفي مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر أن "أمن قطر من أمن الأردن"، مشددا على موقف المملكة الرافض لأي عمل يمس أمن واستقرار وسيادة دولة قطر.
وأعرب الملك عبد الله الثاني عن إدانته الشديدة للعدوان الإسرائيلي الذي وصفه بـ"الجبان" على العاصمة القطرية الدوحة.
إلى ذلك، اعتبر المحلل السياسي عريب الرنتاوي أن ما جرى "جريمة نكراء بكل المقاييس"، هدفها الأساسي ضرب أي مسار تفاوضي يتعلق بوقف الحرب على غزة، مشيرا -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن "العملية جاءت في لحظة سياسية حرجة، حيث تسعى عدة أطراف لإحياء المبادرة الأميركية".
وأضاف مستدركا أن بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– أراد أن يبعث برسالة أنه ذاهب حتى النهاية في حربه.

وأوضح الرنتاوي أن فشل العملية قد ينقلب على منفذها، معتبرا أن "السحر قد ينقلب على الساحر"، خصوصا إذا تأكد أن قادة حماس المستهدفين نجوا.
إعلان
مضيفا أن نتنياهو "أراد أن يكون الأب الوحيد لهذا النجاح، وظهر في فيديو يتابع العملية"، وهو ما يعكس رغبة شخصية في تحقيق اختراق رمزي وسط إخفاقاته الداخلية.
وانتقد الرنتاوي الموقف الأميركي، مؤكدا أن واشنطن "شريك مباشر في الجريمة"، مشيرا إلى أن قاعدة العديد الأميركية في قطر تملك من الوسائل الدفاعية ما يكفي لإفشال مثل هذه العمليات، لكنها لم تتحرك.
وطالب بموقف عربي موحد، داعيا الدول العربية المطبّعة مع إسرائيل إلى "تحرك جاد في مجلس الأمن تحت الفصل السابع"، محذرا من أن "الاستهداف لقادة حماس هو عمليا استهداف لقطر وأمنها واستقرارها".
اجتماع في الدوحة
من جانبه، أكد الدكتور ممدوح العبادي نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق أن إسرائيل "لا تريد سلاما، ولم تفكر فيه لا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ولا بعده"، مضيفا -للجزيرة نت- أن الدعم الأميركي المطلق يجعلها "تتصرف بلا قيود".
ورأى العبادي أن العملية الأخيرة "ضربة موجهة لقطر التي عملت جاهدة لوقف إطلاق النار"، لافتا إلى أن "إسرائيل تسعى لفرض واقع جديد يقوم على طرد العالم العربي من محيطها"، وأضاف "نحن في حالة حرب مفتوحة مع الاحتلال، وما جرى يعكس حقيقة أن إسرائيل لا تعترف بالقوانين الدولية ولا بجهود الوساطة".
وبخصوص الموقف العربي، بدا العبادي متشائما، ولفت إلى أنه "لن يتجاوز رد الفعل من خلال بيانات الشجب والإدانة، كما حدث بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول"، لكنه دعا -في المقابل- إلى تحرك عاجل من خلال "دعوة القادة العرب إلى اجتماع طارئ في الدوحة خلال 48 ساعة لاتخاذ قرارات حاسمة".
ويرى اللواء والمحلل الإستراتيجي مأمون أبو نوار أن العملية الإسرائيلية على الدوحة "غير مسبوقة من حيث دلالاتها"، وأنها لم تكن لتتم "لولا وجود ضوء أخضر أميركي".
وأوضح، في حديثه للجزيرة نت، أن قطر تحتضن قاعدة العديد والقيادة المركزية الأميركية، مما يجعل من غير الممكن حدوث خرق أمني بهذا الحجم دون علم واشنطن.
وشدد اللواء الطيار السابق في سلاح الجو الملكي الأردني على أن ما جرى يكشف عن خلل جوهري في منظومة الإنذار المبكر والرادارات الأميركية المنتشرة في المنطقة، مبينا أن هذه المنظومات لو قامت بدورها على الوجه الصحيح -دون أي تواطؤ- لكانت الدوحة قادرة على اعتراض الطائرات التي نفذت الهجوم، نظرا لما تمتلكه قطر من قدرات جوية متقدمة، وطيارين بمستويات عالية، وطائرات تعد من الأحدث في العالم.
وأضاف أن قطر سبق أن أثبتت قدرتها الدفاعية بإسقاط صواريخ إيرانية، مما يعكس جهوزيتها الفنية والتكتيكية، لكن غياب الإنذار المبكر في هذه العملية مثّل -على حد تعبيره – خيانة للمواثيق والمعاهدات التي تربط الولايات المتحدة مع دول المنطقة، وفي مقدمتها قطر.
ودعا أبو نوار إلى تفعيل منظومة "درع الخليج" والدفاع العربي المشترك، قائلا "كان بالإمكان إسقاط الطائرات الإسرائيلية عبر أحدث الأنظمة الدفاعية، لكن ذلك لم يحدث، ما يعزز فرضية التواطؤ"، مضيفا أنه "يجب تأسيس قوة ردع عربية مرنة تمنع إسرائيل من تكرار مثل هذه العمليات وتحافظ على أمن واستقرار المنطقة".

إعلان حرب
بدوره، استخدم النائب في البرلمان الأردني والحقوقي صالح العرموطي لغة أكثر حدّة حين وصف ما جرى بأنه "بلطجة تمارسها عصابات الاحتلال" ضد سيادة دولة عربية، معتبرا -في حديثه للجزيرة نت- الهجوم الإسرائيلي بمنزلة "إعلان حرب لا يمس قطر وحدها، بل كل الدول العربية".
إعلان
وأكد وقوف الأردن إلى جانب قطر بشكل مطلق، محذرا من أن استمرار الصمت العربي سيُفسر كتشجيع لإسرائيل.

ودعا العرموطي إلى تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وتقديم شكاوى عاجلة في المحافل الدولية، مؤكدا أن العدو "لا يؤمن إلا بالتوسع، ولا يعترف بقيام دولة فلسطينية"، وأن الرد يجب أن يكون بحجم التحدي الذي فرضه الاحتلال على المنطقة.
0 تعليق