سجادة تروي تاريخا.. كيف يقاوم السجاد الكردي الاندثار؟ - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فارس الخيام

Published On 10/9/202510/9/2025

|

آخر تحديث: 09:28 (توقيت مكة)آخر تحديث: 09:28 (توقيت مكة)

وُلدت صناعة السجاد الكردي من رحم التاريخ، لتتحول مع مرور الزمن إلى أكثر من مجرد حرفة يدوية، وتصبح سجل حيّ يجسد روحا ثقافية عبر خيوط وأنماط فريدة. ومع أن هذه الصناعة العريقة تواجه اليوم تحديات جسيمة، إلا أنها ما زالت صامدة، تنبض بالحياة في ورش ومعامل إقليم كردستان.

يُعدّ السجاد الكردي تحفة فنية عريقة، تتميز بأكثر من 50 صنفا ونوعا، لكل منها دلالته ونقوشه الفريدة. تُصنع هذه التحف بـ4 طرق رئيسية: زيلي، دوز، سوماك، وجيجيم. وتتزين السجادات برسومات مستوحاة من الطبيعة والحيوانات، بالإضافة إلى أشكال هندسية ورموز دينية وثقافية، بعضها يعود إلى الديانة الزرادشتية والأساطير الشعبية.

اكتسب السجاد الكردي شهرة واسعة بين القبائل والسلالات الحاكمة، خاصة في عهد الإمارة الروادية التي اشتهرت بصناعة النسيج والسجاد في مدينة أردبيل، كما برع أكراد الإمارة الشدادية في صناعة السجاد والأواني الفخارية.

ويؤكد حيدر قادر حسن، المشرف الفني في معمل النسيج وحماية التراث، أن السجاد الكردي ليس مجرد نسيج، بل هو "سجل تاريخي يمتد لأكثر من 4 آلاف عام"، مضيفا أن "صناعة السجاد اليدوي تعد جزءا لا يتجزأ من معيشة الأكراد وتراثهم".

وأشار حسن خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن النساء الكرديات في العشائر ما زلن يمارسن هذه الحرفة بالطرق القديمة، إذ يمكن مشاهدة نماذجها في المتاحف والمواقع التراثية، مضيفا: يُنسج السجاد الكردي تقليديا من الصوف الطبيعي، مثل صوف الأغنام وشعر الماعز، ويُلون بأصباغ مستوحاة من الألوان الغنية للطبيعة الكردستانية.

ومع أن الصناعة شهدت تطورا باستخدام الآلات الحديثة، فإن هويتها الثقافية بقيت متأصلة. فكما يوضح حسن، "كل عشيرة كردية تتميز بنوع معين من السجاد ونقوشه، يعكس تاريخها وطبيعتها". وهذا ما يجعل كل سجادة تحفة فريدة، تروي قصة عائلة أو قبيلة بأكملها.

تحديات تهدد الإرث

على الرغم من قيمته التاريخية والفنية، تواجه صناعة السجاد الكردي تحديات كبيرة. يقول مجيد جلال، مدير معمل النسيج وحماية التراث في إقليم كردستان، إن "نقص المعدات والمواد الأساسية" هو أبرز هذه التحديات.

إعلان

ويضيف جلال في حديثه لـ"الجزيرة نت": "نواجه صعوبات كبيرة في تأمين مستلزمات الإنتاج مثل خيوط النسيج والسنارة، ونضطر لشرائها من الخارج". وهذا الأمر يضع المعامل أمام مسؤولية مضاعفة للحفاظ على الإنتاج وجودته.

لكن التحدي الأكبر، كما يؤكد جلال، هو مسؤولية الحفاظ على هذا التراث من الاندثار، وهي مسؤولية لا تقع على عاتق المعامل وحدها، بل تتطلب "تدخلا ضروريا" من وزارة الثقافة والإعلام لحماية هذا الإرث الغني.

السجاد الكردي أكثر من 50 صنفا ونوعا لكل منها دلالته ونقوشه الفريدة (الجزيرة)

إرث شعبي خالد

بالنسبة للحرفيين والمهتمين، السجاد الكردي هو أكثر من مجرد سلعة. فالحرفية في النسيج اليدوي، جيان هوشيار، تؤكد للجزيرة نت أن "السجاد الكردي اليدوي ليس مجرد منتج فني، بل هو إرث أصيل يمتد عمره لأكثر من 4 آلاف عام"، وهو "مرغوب عالميا بفضل جودته العالية وتصاميمه الفريدة".

هذا الإرث الشعبي يُقدر بشدة من قبل المواطنين الأكراد أنفسهم، فالمواطن حسين خضر يؤكد أن اقتناء السجاد القديم هو تعبير عن "التقدير العميق لقيمته الفنية والتاريخية". ويقول خلال حديثه للجزيرة نت: "نحن نشتري السجاد الكردي القديم ليس فقط كقطعة أثاث، بل لأننا نحبه ونرغب به كجزء من هويتنا… إنه إرث شعبي يجب الحفاظ عليه".

وفي ظل هذه التحديات والإرادة الصلبة للحفاظ على هذا التراث، يظل السجاد الكردي رمزا للصمود والهوية، نسيجا يربط الماضي بالحاضر، ويعد بمستقبل تزدهر فيه هذه الحرفة الأصيلة.

0 تعليق