تغيرات المناخ تعيد تشكيل خريطة الهجرة العالمية وأنماطها - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

Published On 12/9/202512/9/2025

|

آخر تحديث: 14:57 (توقيت مكة)آخر تحديث: 14:57 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

شارِكْ

مع زيادة تأثيرات أزمة تغير المناخ، قد تصبح موجات الهجرة المتعلقة بها أكثر تواترا، حسب ما يشير إليه الخبراء، ذلك أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية يؤدي إلى كوارث طبيعية مدمّرة، مما يجبر الناس على الهجرة بحثا عن الأمان.

وتكشف دراسة جديدة -نُشرت في دورية "نيتشر"- أن الواقع أكثر تعقيدا بكثير، إذ إن العوامل الديمغرافية مثل العمر، ومستوى التعليم، والجنس، والوضع الاقتصادي، تحدد بشكل حاسم من يغادر ومن يبقى عالقا في مواجهة الأخطار المتفاقمة.

اقرأ أيضا

list of 4 items end of list

وتوضح الدراسة أن صدمات الطقس الحاد، مثل موجات الحر والجفاف والفيضانات، لا تؤدي فقط إلى تحفيز البعض على الرحيل، بل قد تُقيّد آخرين وتحرمهم من خيار الهجرة.

وتقول البروفيسورة هيلين بنفينيست، أستاذة العلوم الاجتماعية البيئية بجامعة ستانفورد والمؤلفة الرئيسية للدراسة، إن "الطقس المتطرف يمكن أن يدفع بعض الأفراد إلى الانتقال، لكنه في الوقت نفسه يزيد عدد من لا يمتلكون القدرة على المغادرة، فقرارات الهجرة تظل مرتبطة بشدة بخصائص ديمغرافية واجتماعية محددة".

اعتمد الباحثون في الدراسة على قاعدة بيانات عالمية ضخمة، شملت أكثر من 125 ألف حالة هجرة عبر الحدود، ونحو نصف مليون حالة نزوح داخلي، جرى تصنيفها وفق العمر والجنس والمستوى التعليمي، ثم ربطها بسجلات مناخية دقيقة تضمنت درجات الحرارة ورطوبة التربة ومستويات الأمطار.

وتمكن الفريق من بناء نموذج توقعي أكثر دقة، حيث جاءت نتائجه قادرة على تفسير حركة الهجرة بمعدل يزيد 12 مرة على النماذج السابقة. ومع ذلك، أوضح الباحثون أن العوامل المناخية لا تشكل سوى جزء محدود من الصورة، إذ إن الاقتصاد والسياسة وشبكات العلاقات الاجتماعية تظل عناصر مؤثرة بقوة في قرارات التنقل.

وتشير الدراسة إلى أن كبار السن ومحدودي التعليم كانوا الأكثر ميلا للرحيل، ربما بحثا عن ظروف معيشية أقل قسوة، أو بسبب هشاشة أوضاعهم الاقتصادية، في حين لم يظهر البالغون من أصحاب التعليم العالي تغيرا ملحوظا في أنماط الهجرة نتيجة الصدمات المناخية، مما يعكس قدرتهم الأكبر على التكيف بفضل الموارد أو فرص العمل.

الفئات الأكثر هشاشة خصوصا في أفريقيا معرضة أكثر لتأثيرات التغير المناخي والطقس المتطرف (رويترز)

عقوبة مزدوجة

وأشارت الدراسة إلى أن هذه النتائج تكشف "عقوبة مزدوجة" للفئات الأضعف، والأكثر هشاشة، فهي لا تملك الوسائل الكافية للتكيف محليا، ولا تتوفر لها القدرة على الهجرة إلى أماكن أكثر أمانا.

إعلان

كما أظهرت الدراسة أن المناخ الإقليمي يحدد شكل الاستجابة، ففي المناطق الاستوائية، أدت موجات الحر إلى زيادة الهجرة بين المتعلمين، بينما لم يتأثر الأقل تعليما كثيرا.

وفي المناطق الجافة، كانت فترات الجفاف دافعا قويا لهجرة الأقل تعليما، غالبا إلى مدن أو بلدات قريبة، في حين ساهمت الأمطار الغزيرة والفيضانات في موجات نزوح محلية.

ويعني ذلك حسب الدراسة أن الفرصة والضعف يتفاعلان معا لتحديد المسارات، فالمزارعون محدودو التعليم، مثلا، يشعرون بضغوط قوية للرحيل خلال موجات الجفاف، لكن قلة الموارد تمنعهم من الانتقال بعيدا أو عبور الحدود.

تكسر الدراسة الصورة النمطية عن موجات بشرية هائلة تتدفق بسبب المناخ، لتؤكد أن القضية ليست في الأعداد الإجمالية، بل في هوية من يهاجرون. فالتوقعات تشير إلى أنه بحلول نهاية القرن سيرتفع معدل الهجرة عبر الحدود بين كبار السن محدودي التعليم، وفي المقابل، سيتراجع انتقال الأطفال والفئات الأقل تعليما.

وتحذر الباحثة بنفينيست من أن تركيز السياسات على الأعداد فقط يهدد بتجاهل الفئات الأكثر هشاشة، كما تشدد على أن الاستعداد للمستقبل يتطلب النظر في دعم من لا يستطيعون الهجرة، عبر توفير وسائل التكيف والبنية التحتية المحلية.

وتشير كذلك إلى ضرورة حماية من يضطرون للرحيل، من خلال سياسات هجرة تراعي الاختلافات الديمغرافية، والاستثمار في حلول طويلة المدى مثل تطوير محاصيل مقاومة للجفاف وتكنولوجيا زراعية متقدمة.

وفي هذا السياق، تقول هيلين بنفينيست: "علينا أن نلبي احتياجات الفئات المختلفة، ليس فقط من يهاجرون، بل أيضا من تقل قدرتهم على التنقل، فالمسألة في جوهرها ليست عن الأعداد، بل عن الناس أنفسهم".

وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050، قد يصل عدد المهاجرين في العالم لأسباب متعلقة بالطقس المتطرف إلى 216 مليون شخص، وفق المنظمة الدولية للهجرة.

وحسب المنظمة، فإن المناطق التي ستشهد أعلى معدلات الهجرة هي دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وشرق آسيا والمحيط الهادي، وجنوب آسيا، وشمال آسيا، وأميركا اللاتينية، وأوروبا وآسيا الوسطى.

0 تعليق