عاجل

سياسة الخنق: بالتوازي مع حرب الإبادة في غزة.. بوابات الاحتلال تحوّل الضفة إلى سجون معزولة - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تحويل التجمعات الفلسطينية إلى "كانتونات" معزولة، مما يعرقل حياة أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني بهدف تكريس الاستيطان والدفع نحو التهجير

بينما تتجه أنظار العالم إلى حرب الإبادة المستمرة منذ قرابة عامين في قطاع غزة، وما خلفته من دمار وقتل للبشر والحجر، ينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي سياسة ممنهجة وأكثر صمتاً في الضفة الغربية المحتلة، يمكن وصفها بـ"سياسة الخنق". عبر نصب مئات البوابات الحديدية الجديدة على مداخل القرى والبلدات، تُضاف إلى شبكة الحواجز القائمة، يتم تحويل التجمعات الفلسطينية إلى "كانتونات" معزولة، مما يعرقل حياة أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني في خطوة استراتيجية تهدف إلى تكريس الاستيطان والدفع نحو التهجير من الضفة الغربية.

بالأرقام والخرائط: شبكة جديدة لعزل الفلسطينيين

توثق تقارير منظمات حقوقية دولية وفلسطينية، على رأسها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ومركز "بتسيلم"، هذا التصعيد الخطير. وتفيد البيانات الميدانية الموثقة أن عدد الحواجز والبوابات التي تقيد ةتخنق حركة الفلسطينيين ارتفع من 567 حاجزاً قبل السابع من أكتوبر2023 ، ليصل اليوم إلى 921 حاجزاً، أي بزيادة تتجاوز 350 عائقاً جديداً تم نصبه خلال هذه الفترة.

وتكشف الخرائط أن هذه العوائق الجديدة لم توضع عشوائياً، بل تم تركيبها بشكل استراتيجي لفصل القرى والبلدات عن بعضها البعض وعن المدن الرئيسية، خاصة في محيط الكتل الاستيطانية الكبرى بمناطق نابلس ورام الله والخليل وبيت لحم، مما أدى فعلياً إلى تقطيع أوصال الضفة وتحويلها إلى جزر سكانية منعزلة.

عقاب جماعي يخنق شرايين الحياة

على الأرض، تترجم هذه الشبكة من الحواجز إلى عقاب جماعي يؤثر على كافة جوانب الحياة اليومية. فالمسافة التي كانت تُقطع في 15 دقيقة أصبحت تتطلب ساعات من السير في طرق التفافية طويلة وخطرة. كما أصبح الوصول إلى الخدمات الأساسية مهمة شبه مستحيلة، حيث تتأخر سيارات الإسعاف عن الوصول للمرضى، ويكافح الطلاب والمعلمون للوصول إلى مدارسهم، ويُحرم المزارعون من الوصول إلى أراضيهم، مما يهدد مصدر رزق آلاف العائلات.

شهادات من الميدان: "نحن سجناء في قرانا"
هذا الواقع المرير يلخصه المواطنون الذين يعيشونه يومياً. يقول أحمد دراغمة، وهو مزارع من قرية قرب طوباس: "أرضي على بعد كيلومترين من منزلي، لكن البوابة الجديدة التي وضعوها على مدخل القرية جعلت الوصول إليها شبه مستحيل. المستوطنون يتجولون بحرية، ونحن سجناء في قريتنا".

بدورها، تؤكد المعلمة سائدة عوض من بلدة قرب رام الله أن نصف طلابها ومعلميها يتأخرون يومياً عن الدوام. وتضيف: "هذا ليس إجراءً أمنياً، هذا خنق ممنهج للحياة والتعليم. يريدوننا أن نيأس ونرحل".

تحدٍ للإجماع الدولي وتكريس للاستيطان

تتفق التحليلات الحقوقية والسياسية على أن ما يجري في الضفة ليس منفصلاً عما يجري في غزة، بل هو جزء من استراتيجية واحدة ذات وجهين: الإبادة والتدمير المباشر في غزة، والخنق والتهجير الصامت في الضفة الغربية.

ففي الوقت الذي يتجاهل فيه الاحتلال الإجماع الدولي المتمثل بـ "إعلان نيويورك" الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يطالب بحل الدولتين، فإنه يقوم على الأرض بخلق واقع مادي يجعل هذا الحل مستحيلاً. وبينما يدمر غزة لجعلها غير قابلة للحياة، فإنه يخنق الضفة لجعل الحياة فيها جحيماً لا يطاق. وفي ظل هذا المشهد القاتم، يفرض السؤال نفسه: فماذا تبقى للإمكانية العملية لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض؟

0 تعليق