عاجل

قوة عربية موحَّدة.. حان الوقت - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لطالما تمنيت مثل كثيرين غيري، أن أرى العرب صفًا واحدًا، اقتصاديا وعسكريا، متماسكين لا يجرؤ عدو على اختبار صلابتهم، وزارد هذا الشوق لتطبيق هذا الاتحاد اليوم، بعد كل ما نشهده من تهديدات صهيونية وأطماع معلنة، حيث لم يعد هذا الحلم رفاهية ولا مجرد شعار يرفع في المؤتمرات، بل أصبح حتمية وجودية.

لقد سئمنا من الضعف، ومن انتظار من يحمي حدودنا، ومن التذرع بالخلافات الداخلية التي لم تجلب لنا سوى المزيد من التشرذم، وأؤمن يقينًا أن ساعة العمل الجماعي قد دقت، وأن تشكيل قوة عربية موحدة لم يعد خيارًا بل ضرورة لا تحتمل التأجيل، وأمام ما نشهده من انكشاف يومي لأطماع صهيونية مدفوعة أيديولوجيًا وسياسيًا، لم يعد الأمر مجرد نقاش نظري أو مطالبات احتجاجية عابرة.

المشروع الذي تتبناه تل أبيب منذ عقود، والمُعلن عنه في أدبيات ومخططات تستهدف “من النيل إلى الفرات”، لم يعد مجرد خطر على غزة أو الضفة فحسب، بل تهديد وجودي لمجموع الوطن العربي، وهنا تصبح فكرة تشكيل قوة عربية موحَّدة ضرورة عملية وواقعية لا تحتمل التأجيل.

الفشل الفردي للدول العربية لم يأتِ من فراغ، التشرذم السياسي، والاقتتال الداخلي، والانقسامات الإقليمية، والاعتماد على حماية خارجية مبنية على مصالح متقلبة، كلها عوامل جعلت أي دولة عربية ضعيفة أمام مشروع منظّم يتجاوز الحكومات ويعمل أيديولوجيًا وعمليًا.

والتجربة أثبتت أن الدول منفردة عاجزة عن مواجهة المشروع الصهيوني طويل الأمد، سقط العراق وبعده سوريا واليمن وليبيا والسودان والقوس مفتوح لانضمام دول أخرى، ووحدها الجبهة الموحدة قادرة على كسر هذه المعادلة، صحيح أن هناك عقبات سياسية ومالية وضغوطًا دولية هائلة، لكن الإرادة الصلبة قادرة على تجاوزها، خاصة إذا دعمتها الشعوب العربية بوعيها وحماسها.

إن قوة عربية مشتركة لن تكون مجرد كيان عسكري، بل تعبيرا عن إرادة الأمة في الدفاع عن كرامتها، مهامها لن تقتصر على حماية حدود الدول العربية من العدوان، بل ستردع أي محاولة للمساس بالسيادة أو المقدسات، وستمنح المفاوض العربي ورقة ضغط حقيقية تجبر العالم على الإصغاء.

بيد أن التحديات كبيرة منها اختلاف الأولويات بين الدول العربية، والضغوط الدولية والإقليمية، والتحديات المالية واللوجستية، والمقاومة الداخلية لمنع أي استقلالية فعلية عن النفوذ الغربي، لكن المخرج يبدأ بالإرادة السياسية، فالقضايا الكبرى في العالم لا تُحلّ إلا بقرار سياسي جريء، وأعتقد أن الأرض خصبة حاليا للبدء في تنفيذ الفكرة، فلن يفيد البكاء على اللبن المسكوب.

كما أننا مطالبون بالانفتاح على كل شركاء يُمكن أن يساهموا في بناء قدرتنا الدفاعية العربية، من تسليح وتقنية وتدريب، دون شروط تقوض السيادة.

ولا حرج في التعاون التكتيكي مع دول قوية لديها مصالح مستقرة في المنطقة (الصين وروسيا) إذا كان ذلك يعزز مناعة الأمة وقدرتها على حماية نفسها، إلا أن هذا التعاون يجب أن يكون تحت سقف قرار عربي مستقل لا يخضع لابتزاز أو هيمنة.

إننا حاليا أمام الأمة خياران فقط، إما الاستمرار في التشرذم الذي يمكّن المشروع الصهيوني من ترسيخ أقدامه، فهو يجيد فكرة (فرّق تسُد) أو توحيد الصفوف وبناء قوة رادعة قادرة على حماية شعبنا وأرضنا ومقدساتنا.

إن لم نبدأ الآن، فسيأتي الغد حاملًا ثمنًا أكبر، فأي تأخير حاليا ليس في صالح تطبيق ذلك الحلم، إن لم يكن الآن فمتى الإجماع.

0 تعليق