شهدت كينيا منذ عام 2024 موجات احتجاجية متواصلة، أشعلتها زيادة الضرائب وارتفاع نسب البطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن القمع الأمني الذي خلّف عشرات القتلى ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين.
وهذه الأوضاع عكست حالة احتقان متنامية بين السلطة والشباب الذين يشكلون الكتلة الأكبر من المجتمع الكيني.
وفاة مدون تشعل شرارة جديدة
تجددت الاحتجاجات في يونيو 2025 بعد وفاة المدون والمعلم ألبيرت أوموندي أوجوانغ أثناء احتجازه لدى الشرطة. الحادثة صبّت الزيت على النار، إذ رأت قطاعات واسعة من الكينيين أن وفاة أوجوانغ دليل إضافي على وحشية الشرطة وإفلاتها من العقاب، مما زاد الغضب الشعبي ضد مؤسسات الدولة.
خطة التعويضات.. خطوة لاحتواء الغضب
ردًا على الأزمة، أعلن الرئيس ويليام روتو خطة لتعويض عائلات ضحايا الاحتجاجات، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي والحفاظ على السلم الأهلي. ووفقًا للخطة، من المقرر صرف التعويضات خلال 120 يومًا تحت إشراف المحامي الدستوري ماكاو موتوا، مع وعود بـ "التئام الجراح" وتخفيف حدة الانقسام.
انتقادات واتهامات بالمناورة السياسية
ورغم الإعلان، قوبلت خطة التعويضات بانتقادات واسعة، حيث اعتبرها ناشطون حقوقيون "مناورة سياسية" تهدف إلى تهدئة الشارع دون معالجة جذرية لمطالب المحتجين. ويرى مراقبون أن أي تسوية لا ترافقها إصلاحات شاملة للشرطة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، لن توقف دائرة العنف المتصاعدة.
الحصيلة والخسائر
حسب الإحصاءات الرسمية، قُتل 31 محتجًا على الأقل في إحدى موجات العنف، فيما لحقت أضرار مادية بالغة بالاقتصاد المحلي. ومع استمرار الاحتجاجات، تبدو كينيا أمام مفترق طرق حاسم: إما الاستجابة لمطالب الشباب بالعدالة الاقتصادية والسياسية، أو مواجهة خطر انزلاق البلاد نحو مزيد من الاضطرابات.
في النهاية تكشف الأحداث الأخيرة هشاشة النظام السياسي وصعوبة إدارة التوازن بين السلطة والمجتمع في كينيا. فبينما تراهن الحكومة على التعويضات كحل سريع، يرى الشارع أن الحل الحقيقي يكمن في إصلاحات مؤسسية عميقة، تضمن العدالة وتوقف الإفلات من العقاب، بما يفتح الباب أمام استقرار دائم.
0 تعليق