كثيراً ما يقترح علي أصدقاء أن أرصد تلك الرحلات عبر منصة سناب شات من باب نشر الثقافة والمعرفة، وقد فعلت ذلك في بعض الأوقات، لكنني وجدت أنه يشغلني فعلياً عن المعنى الحقيقي للسفر، كما أنني، ومهما فعلت وطالت خطاي، فلن أنافس الصديق العزيز الدكتور ثواب السبيعي «سائح تيوب» !
من ذكريات السفر، اغتنام فرصة التوجه مع سفينة إلى جزيرة منعزلة ومحمية للدببة البنية في ألاسكا، وكان التنبيه الأول عند النزول هو البقاء بقرب المرشدين السياحيين المسلحين بالبنادق خشية التعرض لهجمات الدببة المفاجئة، أما التنبيه الثاني فكان عدم أخذ أي شيء من الجزيرة كتذكار، حتى لو كان عود خشب ملقى على الشاطئ، كانت تجربة ساحرة جعلتني أشعر كأنني جزء من برامج ناشيونال جيوغرافيك عن الحياة البرية !
ولأنني زرت ألاسكا 5 مرات، فقد حملت كل زيارة منها العديد من التجارب الاستثنائية بحثاً عن الحياة الفطرية والطبيعية؛ منها الانتقال بالهليكوبتر إلى أعالي الجبال المتجمدة، وركوب زلاجات الكلاب في أماكن لا تصل إليها المركبات، فضلاً عن فرصة مشاهدة الحيتان من مسافة أمتار قليلة في مراكب صيد حُوّلت إلى مراكب للتنزه في موسم السياحة الصيفي، والطريف أن قائد المركب كان يكرر القول إننا أكثر الناس حظاً في تاريخ رحلاته، لتجمع الحيتان الحدباء حول المركب بهذه الكثافة، لكن سائحاً مخضرماً أسرَّ في أذني أنه يكذب ويكرر هذا القول لكل مجموعة، حيث يستخدمون سماعات أسفل المركب لإطلاق أصوات إناث الحيتان لجذبها، ولم يكن يهمني صدقه من كذبه، المهم أنني شاهدت الحيتان الحدباء الشهيرة عن قرب، كما لو كانت حيوانات أليفة تلعب عند قدمي، كذلك شاهدت في بعض بلدات ألاسكا أسماك السالمون تسبح في مجاري الأنهار وتفرعاتها بين البيوت، حتى شعرت أن ربة المنزل لا تحتاج لإعداد العشاء سوى التقاط سمكتها عند عتبة الباب !
ولأنني من هواة الغوص، فقد قادني شغف السفر إلى أماكن مختلفة ونائية، تنفرد بتنوع حياتها البحرية التي لا يعرفها إلا المحترفون، لكن الوصول إليها يتطلب صبراً على مشاق التنقلات ووسائل السفر المتواضعة، ناهيك عن محدودية خيارات السكن !
ومن تجارب السفر المختلفة، رحلتي الصيف الماضي إلى قرى نائية ومنعزلة في جزيرة آيسلندا، ورغم سحر الطبيعة واعتدال الطقس، إلا أنني واجهت مشكلة انتظام النوم بسبب أوقات الصلاة، فصلاة المغرب في معظم الأماكن التي زرتها كنت أصليها في اليوم التالي، إذ لم تكن الشمس تغيب إلا بعد منتصف الليل، وأحياناً لا يتجاوز الفارق بين المغرب والعشاء 10 – 15 دقيقة. الأمر الذي جعلني أتفكر في معاناة المقيمين المسلمين هناك في تنظيم أوقات صلاتهم وصيام شهر رمضان المبارك، خاصة في فصل الشتاء !
باختصار.. السفر بالنسبة لي هو تغيير لبيئة المكان والإنسان !
أخبار ذات صلة
0 تعليق