كتب محمد الجمل:
تشهد محافظة غزة بكافة أحيائها عدواناً إسرائيلياً متصاعداً، تتخلله مجازر، وتفجيرات، واستهداف بنايات مرتفعة، بينما تتواصل معاناة المواطنين والنازحين في باقي أنحاء القطاع.
"الأيام" رصدت مشاهد من جديدة من العدوان على قطاع غزة، منها مشهد يُوثق الآثار الكارثية لقصف الأبراج في مدينة غزة، ومشهد آخر تحت عنوان: "شظايا الروبوتات"، ومشهد ثالث يُسلّط الضوء على الفروق في الأسعار في أسواق القطاع، ما بين البيع النقدي والإلكتروني.
تداعيات قصف الأبراج
يواصل جيش الاحتلال استهداف وقصف الأبراج السكنية والعمارات في مدينة غزة، لاسيما في المناطق الشمالية والغربية. ويومياً تقصف طائرات الاحتلال العديد من العمارات والأبراج المرتفعة، ما يتسبب بتدميرها كلياً، وتحويلها إلى كومة من الركام.
ويتسبب قصف الأبراج السكنية في تدميرها، وفقد سكانها المأوى، وكافة الحاجيات، حيث غالباً ما يخرج قاطنو الأبراج بطولهم، نظراً لأن الاحتلال يمهلهم بضع دقائق فقط لإخلاء البرج.
وإضافة إلى تدمير الأبراج، فإن قصفها يؤدي إلى كوارث كبيرة، منها تدمير مئات الخيام في محيطها، وخلق حالة نزوح داخلي جديدة، حيث يُجبر المتضررون على إخلاء المناطق التي تضررت، والتوجه إلى مناطق أخرى، وبعضهم يصبحون بلا خيام بعد تدميرها.
وذكر المواطن أمجد يوسف من سكان مدينة غزة، أن تدمير الأبراج ينتج عنه تطاير شظايا وحجارة لمسافات بعيدة، حيث يغطي الركام المتطاير مساحات واسعة من الأرض، غالباً ما تكون هذه المناطق تضم مئات الخيام التي يقطنها نازحون.
وأشار يوسف إلى أنه وعائلته كانوا يقيمون بجانب برج مرتفع، وقرروا تفكيك خيمتهم، والتوجه غرباً إلى محيط الميناء، حيث بحثوا عن مكان لا تحيط به أي بنايات مرتفعة، ووضعوا خيمتهم هناك.
وأكد أن الضرر الكبير الناتج عن أي غارة، تسبب في جعل المواطنين يخشون البقاء في محيط الأبراج، وحتى سكان الأبراج والبنايات المرتفعة التي لم يطلها القصف، نقلوا جزءاً كبيراً من أمتعتهم وأثاثهم إلى أماكن أخرى، حتى لو حدث إخلاء للبرج وجرى قصفه، ولم يستطيعوا نقل أي شيء من أمتعهم، يجدون ما يعينهم على رحلة النزوح الطويلة التي سيعيشونها.
كما يؤدي قصف الأبراج إلى تعطل شبكات الاتصالات والإنترنت، حيث أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل"، عن انقطاع خدمة الإنترنت عن أجزاء واسعة من المناطق الغربية لمدينة غزة، بسبب استهداف عمارات وبنايات وأبراج سكنية يوجد على أسطحها أبراج إرسال وتقوية لخدمة النت والهواتف الخلوية.
وأكد مواطنون ما زالوا يتواجدون في مدينة غزة، أن الاحتلال يزيد الضغط عليهم بشتى الطرق والوسائل، بهدف إجبارهم على النزوح من مدينة غزة، وأن قصف العمارات والأبراج وما ينتج عنه كوارث، يأتي ضمن أساليب الضغط المذكورة.
شظايا "الروبوتات"
تشهد مدينة غزة، خاصة شمالها وجنوبها، أسوأ موجة من التفجيرات الكبيرة، التي تنجم عن تفجير "روبوتات"، وعربات مدرعة محشوة بالمتفجرات بشكل يومي، يتم وضعها بين المنازل ووسط المربعات السكنية، بهدف تدميرها، وإحداث خراب واسع في المنطقة.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإنه يتم يومياً تفجير بين 6 و12 "روبوتا"، تزيد حمولة بعضها على 7 أطنان من المتفجرات، وانفجارها يحدث عاصفة من الدمار الهائل، تمتد حتى مئات الأمتار من موقع التفجير.
ولا يقتصر تأثير تلك "الروبوتات" على المناطق التي تنفجر فيها فحسب، إذ تتسبب عند انفجارها بتطاير شظايا معدنية وحجارة، إلى مسافات بعيدة، تزيد على 1500 متر في بعض الأحيان، وتصل إلى مناطق مكتظة بالسكان.
ووفق مصادر أمنية في غزة فإن دولة الاحتلال تلجأ إلى استخدام هذا النوع من الأسلحة لإيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية في صفوف المواطنين، ضمن حرب إبادتها على القطاع، مشيرةً إلى أن لهذه "الروبوتات" قدرة تفجيرية هائلة، فهي قادرة على تدمير حارة سكنية كاملة، وإيقاع ضحايا على مسافات بعيدة من موقع التفجير.
وتتسبب الشظايا المذكورة، التي يصل وزن بعضها إلى أكثر من 20 كيلوغراماً، وهي عبارة عن قطع من مدرعات وجنازير "روبوتات"، في سقوط شهداء وجرحى بشكل يومي، بعضهم يسقطون داخل منازلهم وخيامهم البعيدة.
وقال المواطن محمود سلطان، إنه نزح من شمال مدينة غزة بسبب "الروبوتات" المفخخة، التي باتت تُهدد حياته وحياة أفراد أسرته، خاصة أنهم كانوا يقيمون في خيمة، وقد سقطت بجوارهم شظايا وحجارة أكثر من مرة بعد تفجير تلك "الروبوتات" في حي الشيخ رضوان، ومنطقة "أبو اسكندر" المجاورة.
وبيّن أنه نزح لعدة أيام غرب مدينة غزة، ثم واصل نزوحه باتجاه جنوب القطاع، حيث حالفه الحظ بالعثور على مكان يمكن أن يضع خيمته فيه، مشيراً إلى أنه كلما تقدمت القوات البرية على الأرض أكثر في مدينة غزة، زاد خطر هذا السلاح الفتاك، من حيث اتساع رقعة التدمير، وتشكيل خطر أكبر على المواطنين والنازحين في المدينة.
وذكر محللون ومتابعون أن الاحتلال يهدف من استخدام "الروبوتات" إلى تسهيل عمليات التوغل للقوات والآليات العسكرية وتفادي الخسائر البشرية، وحرمان المقاتلين الفلسطينيين من ميزة التخفي والاختباء في الأبنية والأشجار في المناطق التي ينوي التوغل فيها.
فروق في الأسعار
رغم قبول غالبية الباعة بيع سلعهم من خلال خدمات الدفع الإلكتروني، عبر حسابات البنوك، والمحافظ الإلكترونية، إلا أن هناك فروقاً واضحة في البيع ما بين الدفع الكاش، والدفع الإلكتروني، يتراوح بين 20 و40%، لصالح الدفع النقدي، الذي يفضله غالبية الباعة.
واشتكى مواطنون من الفروق المذكورة، مؤكدين أن الباعة يفرضون على المشترين سعرين لكل سلعة، فإذا رغب المشتري في شرائها عبر الدفع النقدي يدفع مبلغاً أقل، وفي حال رغب في شرائها من خلال التطبيق الإلكتروني يزيد عليه المبلغ.
وقال المواطن سامي بشير، الذي يعمل موظفاً في إحدى المؤسسات الدولية، إنه منذ أكثر من عام يتقاضى راتبه عن طريق الدفع الإلكتروني، ولا يمتلك سيولة نقدية، لذلك يلجأ إلى الشراء عبر الدفع الإلكتروني، خاصة أن الأخير شاع بعد إدخال البضائع مؤخراً.
وأوضح بشير أنه توجه لشراء سلع من أحد التجار، وعند الدفع اكتشف أن هناك 45 شيكلاً فرقاً على مجموع السلع بين شرائها نقداً أو من خلال الدفع الإلكتروني، متسائلاً لماذا يفرض الباعة هذا الأسلوب من البيع، الذي يُرهق المواطنين، وكأن الدفع الإلكتروني ليس مالاً كما النقدي.
وأشار إلى أن كل بائع يحسب نسبة تحويل الإلكتروني إلى نقدي والتي تصل إلى 30%، ويضيفها على ثمن السلعة، والمواطن أمامه خياران، إما الشراء بأسعار عالية، أو سحب سيولة بنسبة مرتفعة، وهذه طريقة سيئة، تزيد الأعباء على المواطنين.
ولفت إلى أنه فوق هذا فإن الباعة لا يقبلون معظم العملات خاصة الورقية، ويرفضون أخذ أموال بالية أو مهترئة، وهذا كله يُعقد المعاملات التجارية في الأسواق.
في حين، قال أحد الباعة لـ"الأيام"، ورفض ذكر اسمه، إن صغار الباعة والتجار هم من خلقوا تلك المشكلة، فهم يشترون البضائع من التجار الكبار بنظام الدفع الإلكتروني، رغم ذلك يفضلون البيع بنظام "الكاش"، وهم بذلك يحاولون جمع أكبر كمية ممكنة من السيولة النقدية، بهدف إعادة بيعها لتجار العمولة، الذين يأخذونها منهم، ويعيدونها لهم عبر الدفع الإلكتروني، مقابل نسب عالية، وبالتالي يحققون ربحاً مزدوجاً، من خلال أرباح السلعة، وأرباح بيع السيولة، مشدداً على ضرورة ضبط الأسواق، وفرض سعر موحد للبيع النقدي والإلكتروني، ما يُنهي هذه الظاهرة المستشرية في الأسواق.
0 تعليق